سبتية، أو لأن السبتية كانت تشبهها، وما كان ابن عمر يقصد التنعيم بل يقصد السنة، وليس في هذا الحديث سوى الحكاية عمن يدخل المقابر، وذلك لا يقتضي إباحة ولا تحريمًا، ويدل على أنه أمره بخلعهما احترامًا للقبور؛ لأنه نهى عن الاستناد إلى القبر والجلوس عليه. انتهى.
وفيه ذهول عما ورد في بعض الأحاديث: أن صاحب القبر كان يُسأل، فلما سمع صرير السبتيتين أصغى إليه فكاد يهلك لعدم جواب الملكين، فقال له النبي - عليه السلام -: "ألقهما لئلا تؤذي صاحب القبر". ذكره أبو عبد الله الترمذي.
قوله:"وقد رأينا رسول الله - عليه السلام - صلى وعليه نعلاه" ذكره شاهدًا لما قاله من قوله: "لكن لمعنى آخر ... "، إلى آخره، أي صلى والحال أن نعليه في رجليه، ثم أُمِرَ بخلعهما فخلعهما، والحال أنه يصلي، فلم يكن ذلك الأمر بخلع نعليه لأجل كراهة الصلاة فيهما، ولكنه للقذر الذي كان فيهما، وهذا أيضًا كذلك.
ص: وقد روي عن رسول الله - عليه السلام - ما يدل على إباحة المشي بين القبور بالنعال:
حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا آدم بن أبي إياس، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: ثنا محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - عليه السلام - ... فذكر حديثًا طويلًا في المؤمن إذا دفن في قبره:"والذي نفسي بيده إنه ليسمع خفق نعالهم حين تولوا عنه مدبرين".
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أنا محمَّد بن عمرو ... فذكر بإسناده مثله.
حدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن حميد، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن السدي، عن أبيه، عن أبي هريرة رفعه، مثله.
فهذا يعارض الحديث الأول؛ إذ كان معناه على ما حمله عليه أهل المقالة الأولى، ولكنا لا نحمله على المعارضة ونجعل الحديثين صحيحين، فنجعل النهي الذي كان في حديث بشير للنجاسة التي كانت في النعلين؛ لئلا تنجس القبور، كما قد نُهِيَ أن