للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ظاهر قوله: "كان يتوضأ لكل صلاة" يدل على وجوب الوضوء لكل صلاة.

وقوله: "فلما كان الفتح ... " إلى آخره، يدل على جواز صلوات كثيرة بوضوء واحد، ثم قيل: إنَّ الحكم الأول قد انتسخ بالحكم الثاني، والصحيح أنَّ مواظبته - عليه السلام - على الوضوء لكل صلاة كان لأجل العمل بالأفضل، وصلاته - عليه السلام - يوم الفتح خمس صلوات بوضوء واحد بيان للجواز، والدليل عليه: قوله في الحديث الآتي: "عمدا فعلته يا عمر" فهذا يدل على أنَّ فعله الأول كان للأفضل، وفعله الثاني كان بيانا للجواز، ودليل آخر على ألَّا نسخ ثمة: أنَّ الوجوب إذا نسخ يبقى التخيير، ثم أجمع أهل الفتوى بعد ذلك على أنَّه لا يجب إلَّا على المُحدِث، وأنَّ تجديده لكل صلاة مندوب، ولم يبق بينهم اختلاف، على ما يجيء مزيد البيان إنْ شاء الله تعالى.

ص: حدثنا ابن مرزوق، قال ثنا أبو عاصم وأبو حذيفة، قال: ثنا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال: "صلى رسولُ الله - عليه السلام - يوم فتح مكة خمس صلوات بوضوء واحد ومسح على خفيه، فقال له عمر - رضي الله عنه -: صنعت شيئًا يا رسول الله لم تكن تصنعه ... قال: عمدا فعلته يا عمر".

ش: هذا أيضًا إسناد صحيح، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، وأبو حذيفة النهْدي اسمه موسى بن مسعود البصري شيخ البخاري وغيره، وسفيان هو الثوري.

وأخرجه مسلم (١): وقال: ثنا محمَّد بن عبد الله بن نمير، قال: نا أبي، قال: نا سفيان، عن علقمة بن مرثد.

وحدثني محمَّد بن حاتم -واللفظ له- قال: أنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، قال: حدثني علقمة ... إلى آخره نحوه سواء.

وأبو داود (٢): عن مُسدّد، عن يحيى، عن سفيان ... إلى آخره نحوه.


(١) "صحيح مسلم" (١/ ٢٣٢ رقم ٢٧٧).
(٢) "سنن أبي داود" (١/ ٤٤ رقم ١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>