للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - عليه السلام -[في القبر] (١) وإذا هو يقول: ناولوني صاحبكم، وإذا هو الذي كان يرفع صوته بالذكر".

وفيه من الفقه: جواز الدفن بالليل، وإيقاد النار في المقبرة.

ص: ففي هذا الحديث: إباحة الدفن في الليل، وقد يجوز أن يكون النهي الذي ذكرنا في الباب الأول ليس من طريق كراهة الدفن، ولكن لإرادة رسول الله - عليه السلام - أن يصلي على جميع موتى المسلمين؛ لما يكون لهم في ذلك من الفضل والخير بصلاته عليهم؛ فإنه حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن يحيى، قال: ثنا هشيم، عن عثمان بن حكيم الأنصاري، عن خارجة بن زيد، عن يزيد بن ثابت - رضي الله عنه -: "أن رسول الله - عليه السلام - قال: لا أعرفن أحدًا من المؤمنين مات إلا آذنتموني للصلاة عليه؛ فإن صلاتي عليهم رحمة".

وكما حدثنا فهد، قال: ثنا الحماني، قال: ثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أبي رافع، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - عليه السلام -: "أنه دخل المقبرة فصلى على رجل بعدما دفن، وقال: ملئت هذه المقبرة نورًا بعد أن كانت مظلمة عليهم".

فيكون رسول الله - عليه السلام - أراد بنهيه عن دفن الموتى في الليل ليكون هو الذي يصلي عليهم، فيصيبون بصلاته ما وصفنا من الفضل.

ش: أي ففي حديث جابر هذا إباحة دفن الموتى بالليل، بخلاف ما في الحديث الأول.

قوله: "وقد يجوز ... " إلى آخره، جواب عن الحديث المذكور، بيانه: أن النهي المذكور في الحديث الأول ليس لأجل كراهة الدفن بالليل لكونه بالليل، بل إنما كان لإرادة رسول الله - عليه السلام - أن يصلي على كل من مات من المسلمين؛ لينالوا بذلك بركة النبي - عليه السلام - وفضله وخيره؛ لأن صلاته عليهم رحمة كما قد صرح - عليه السلام - بذلك بقوله: "فإن صلاتي عليهم رحمة". في حديث يزيد بن ثابت أخي زيد بن ثابت، ولأن


(١) ليست في "الأصل، ك" والمثبت من "سنن البيهقي".

<<  <  ج: ص:  >  >>