للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يكون ذلك إلا بعد انتساخ حكم حديثه الأول؛ وذلك لأن اختصاصهم بذلك لا يكون إلا بقيامه في وقته ذلك، فيكون هذا النسخ بدلالة التاريخ؛ وذلك لأن الحديث الأول يقتضي الإباحة، والحديث الثاني يقتضي الحظر فلا شك أن الحظر طارئ على الإباحة، فيكون متأخرًا عنه بالضرورة، فافهم.

ثم إنه أسند الحديث المذكور من ثلاث طرق صحاح:

الأول: عن ربيع بن سليمان المؤذن صاحب الشافعي، عن أسد بن موسى، عن سعيد وحماد ابني زيد، كلاهما عن أبي جهضم موسول بن سالم مولى آل العباس بن عبد المطلب، وثقه يحيى وأبو زرعة، روى له الأربعة عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس ... إلى آخره.

وأخرجه النسائي (١) بأتم منه: أنا حميد بن مسعدة، ثنا حماد، عن أبي جهضم، عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس قال: "كنت عند ابن عباس فسأله رجل أكان رسول الله - عليه السلام - يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: لا، قال: فلعله كان يقرأ في نفسه؟ قال: خمسًا هذه شَرٌّ من الأولى، إن رسول الله - عليه السلام - عبد أمره الله تعالى بأمره فبلغه، والله ما اختصنا رسول الله - عليه السلام - بشيء دون الناس إلا بثلاثة: أُمِرنا أن نسبغ الوضوء، وأن لا نأكل الصدقة، ولا ننزي الحمر على الخيل".

وقد أخرج الطحاوي ما أخرجه النسائي إلى قوله: "فبلغه" بعين الإسناد المذكور في باب: "القراءة في الظهر والعصر".

الثانى: عن أحمد بن داود المكي، عن سليمان بن حرب الواشحي شيخ البخاري وأبي داود، عن حماد بن زيد، عن أبي جهضم، عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس.

وأخرجه أبو داود (٢): ثنا مسدد، نا عبد الوارث، عن موسى بن سالم، نا عبد الله بن عبيد الله قال: "دخلت على ابن عباس في شباب من بني هاشم، فقلنا


(١) "المجتبى" (٦/ ٢٢٤ رقم ٣٥٨١).
(٢) "سنن أبي داود" (١/ ٢١٤ رقم ٨٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>