للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الفصل الأول، فيكون ما أباح لهم فيه غير ما حرم عليهم في هذا الحديث الثاني، فيكون معنى كل واحد منهما على ما ذكرنا، أو يكون الحديث الأول نسخ ما منع منه هذا الحديث الثاني، فيكون هذا الحديث الثاني ناسخًا له؛ لأن ابن عباس يخبر فيه بعد موت النبي - عليه السلام - أنهم مخصوصون به دون الناس، فلا يجوز أن يكون ذلك إلا وهو قائم في وقته ذلك.

ش: أي: ليس على أهل المقالة الثانية حجة في الحديث الأول الذي احتجت به أهل المقالة الأولى؛ لأنه يجوز أن يكون المراد من قوله: فتصدق بها على أرامل بني عبد المطلب: أحسن بها عليهن على طريق الهبة والتبرع والإحسان؛ لأن الصدقة قد تذكر ويراد بها الهبة والإحسان كما إذا تصدق رجل على غني بدار أو عبد أو مال معين فإنه يجوز، ويكون ذلك هبةً؛ فغنى ذلك الغني لا يمنع من ذلك؛ لكون ذلك هبة وإحسانًا في المعنى، وكذلك المراد ها هنا الصدقة التي طريقها طريق الهبات وإن سميت صدقةً، وليس المراد بها الصدقة التي طريقها طريق الزكوات والكفارات والصدقات التي يتقرب بها إلى الله تعالى.

قوله: "وهو الذي ينبغي أن يحمل ... إلى آخره". كأنه جواب عما يقال: ما الداعي إلى ذكر هذا التأويل، فَلِمَ لا يستعمل الحديث على ظاهره؟

وتقرير الجواب أن يقال: إن هذا الحديث إذا لم يحمل على هذا المعنى يعارضه حديث آخر، والحال أن الراوي لكليها هو عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - وهو قوله: "وأن لا نأكل الصدقة" وقد أخبر ابن عباس في هذا الحديث أن النبي - عليه السلام - اختصهم بأن لا يأكلوا الصدقة. وبين الحديثين تعارض وتضاد، فنحتاج إلى التوفيق بينهما، وذلك إما بأن نحمل معنى الحديث الأول على ما ذكرنا، وهذا الحديث على ظاهره، فيكون كل منهما لمعنى لا يخالف معنى الآخر.

أو يكون هذا الحديث ناسخًا للحديث الأول؛ لأن ابن عباس - رضي الله عنهما - أخبر فيه بعد موت النبي - عليه السلام - أنهم مخصوصون بثلاثة أشياء: منها: حرمة الصدقة عليهم؛

<<  <  ج: ص:  >  >>