للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمنعه منه لصحة بدنه، ثم سأله الرجل الآخر بعد ذلك، فقال له رسول الله - عليه السلام -: إن كنت من الأجزاء الذين جزأ الله الصدقة فيهم أعطيتك منها، فرد رسول الله - عليه السلام - بذلك حكم الصدقات إلى ما ردها الله -عز وجل- بقوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} (١). الآية. فكل من وقع عليه اسم صنف من تلك الأصناف فهو من أهل الصدقة الذين جعلها الله -عز وجل- لهم في كتابه، ورسوله في سنته زمِنًا كان أو صحيحًا، وكان أولى الأشياء بنا في الآثار التي رويناها عن رسول الله - عليه السلام - في الفصل الأول من قوله: "لا تحل الصدقة لذي مرة سوي" ما حملناها عليه؛ لئلا يخرج معناها من الآية المحكمة التي ذكرنا، ولا من هذه الأحاديث الآخر التي روينا، ويكون معنى ذلك كله معنى واحدًا يصدق بعضه بعضًا.

ش: ذكر حديث زياد بن الحارث الصدائي شاهدًا لما ذكره من التأويل في الأحاديث التي احتجت بها أهل المقالة الأولى، ولكونه موافقًا في المعنى لحديث أبي سعيد الخدري.

بيان ذلك: أن زياد بن الحارث كان ذا مرة سويًّا ولم تكن به زمانة، وقد أمَّره رسول الله - عليه السلام - على قومه وجعل له من صدقاتهم شيئًا، فهذا أدل دليل على صحة التأويل المذكور.

ثم لما سأل رسول الله - عليه السلام - ذلك الرجل الآخر قال له - عليه السلام -: "إن كنت من الأجزاء الذين جزأ الله الصدقة فيهم -يعني الأصناف الذين قسم الله الصدقة فيهم- أعطيتك منها" وذلك في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} (١) الآية، فبيَّن الله تعالى أن كل مَن صدق عليه اسم صنف من تلك الأصناف يكون من أهل الصدقة الذين أثبت الله لهم في كتابه ورسوله في سنته سواء كان زمنًا أو صحيحًا؛ لأن الله تعالى ذكر مطلِقًا ولم يقيد إلا كونه من أهل تلك الأصناف كما هو ظاهر لا يخفى فمتى ما حمل معنى الأحاديث المذكورة في استدلال أهل المقالة الأولى على ما


(١) سورة التوبة، آية: [٦٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>