قال أبو جعفر -رحمه الله-: فبيَّن أبو هريرة في هذا الحديث أن رسول الله - عليه السلام - إنما أراد بقوله:"تصدقن" الصدقة التطوع التي تكفر الذنوب، وفي حديثه قال:"فجاءت بحلي لها إلى رسول الله - عليه السلام - فقالت: يا رسول الله خذ هذا أتقرب به إلى الله -عز وجل- وإلى رسوله، فقال لها رسول الله - عليه السلام -: تصدقي به على عبد الله وعلى بنيه فإنهم له موضع"، فكان ذلك على الصدقة بكل الحلي، وذلك من التطوع لا من الزكاة؛ لأن الزكاة لا توجب الصدقة بكل المال، وإنما توجب الصدقة بجزء منه.
فهذا أيضًا دليل على فساد تأويل أبي يوسف ومَن ذهب إلى قوله للحديث الأول، فقد بطل بما ذكرنا أن يكون في حديث زينب ما يدل على أن المرأة تعطي زوجها من زكاة مالها إذا كان فقيرًا.
ش: دلالة حديث أبي هريرة على أن تلك الصدقة المذكورة في حديث زينب المذكور أولًا ليست صدقة الفرض ظاهرة قد أوضحها الطحاوي جدًّا فلا حاجة إلى مزيد البيان.
وإسناده صحيح من الطريقين اللذين:
أحدهما: عن فهد بن سليمان، عن عليَّ بن معبد بن شداد العبدي وثقه أبو حاتم، عن إسماعيل بن أبي كثير وهو إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري المدني روى له الجماعة، عن عمر بن نُبَيْه -بضم النون وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره هاء- الكعبي الخزاعي روي له مسلم.
عن أبي سعيد المقبري -روى له الجماعة- عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
والآخر: عن الحسين بن الحكم بن مسلم الحِبَري -بكسر الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة- نسبة إلى بيع الحِبَر جمع حِبَرة كعِنَب وعِنَبَة، وهي بُرْد يماني.
عن عاصم بن علي بن عاصم الواسطي شيخ البخاري، عن إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري -عن عمرو بن أبي عمر- واسم أبي عمرو ميسرة-