للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "ويلك هلمي" (١) كلمة ويل تقال عند الدعاء بالعذاب والهلاك كما أن كلمة "ويح" تقال عند الدعاء بالترحم والشفقة، ومعنى هلمي: هاتي، وهو من أسماء الأفعال وقد مرَّ الكلام فيه مرة.

قوله: "فإنا له موضع" أراد أنه وأولاده هم أحق بتلك الصدقة من الأجانب لاحتياجهم وفقرهم، والأقربون أولي بالمعروف.

قوله: "رجاء أن لا يجعلني" انتصاب رجاء على التعليل أي: لأجل رجاء من الله أن لا يجعلني من أهل النار ببركة تلك الصدقة.

قوله: "أرأيت" أي: أخبرني.

ص: وإنما نلتمس حكم ذلك بعد من طريق النظر وشواهد الأصول، فاعتبرنا ذلك فوجدنا المرأة باتفاقهم لا يُعطيها زوجها من زكاة ماله وإن كانت فقيرة ولم تكن في ذلك كغيرها؛ لأنا رأينا الأخت يعطيها أخوها من زكاته إذا كانت فقيرة، وإن كان على أخيها أن ينفق عليها ولم تخرج بذلك من حكم من يعطى من الزكاة فثبت بذلك أن الذي يمنع الزوج من إعطاء زوجته من زكاة ماله ليس هو وجوب النفقة عليه، ولكنه السبب الذي بينه وبينها، فصار ذلك كالسبب الذي بينه وبين والديه في منع ذلك إياه من إعطائهما من الزكاة، فلما ثبت بما ذكرنا أن سبب المرأة الذي منع زوجها أن يعطيها من زكاة ماله وإن كانت فقيرة، هو كالسبب الذي بينه وبين والديه الذي يمنعه من إعطائهما من زكاته وإن كانا فقيرين.

ورأينا الوالدين لا يعطيانه أيضًا من زكاتهما إذا كان فقيرًا، فكان الذي بينه وبين والديه من السبب يمنعه من إعطائهما من الزكاة، ويمنعهما من إعطائه من الزكاة.

فكذلك السبب الذي بين الزوج والمرأة لما كان يمنعه من إعطائها من الزكاة كان أيضًا يمنعها من إعطائه من الزكاة، وقد رأينا هذا السبب بين الزوج والمرأة يمنع من قبول شهادة كل واحد منهما لصاحبه، فجعلا في ذلك كذوي الرحم المحرم الذي لا


(١) في المتن: "هلمي ويلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>