حسن، وعلي - رضي الله عنه - ساكتٌ لم يتكلم معهم. فقال: مَا لَكَ يا أبا الحسن لا تتكلم؟ قال: قد أشاروا عليك ولا بأس بما قالوا إن لم يكن أمرًا واجبًا وجزية راتبةً يؤخذون بها. قال: فأخذ من كل عبد عشرةً، ومن كل فرس عشرةً، ومن كل هجين ثمانية، ومن كل برذون أو بغل خمسة دراهم في السنة، ورزقهم كل شهر الفرس عشرة دراهم، والهجين ثمانية، والبغل خمسةَ خَمسةً، والمملوك جريبين كل شهر".
فدل هذا الحديث على أن ما أخذ منهم عمر من أجله ما كان أخذ منهم في ذلك أنه لم يكن زكاةً ولكنها صدقة غير زكاة. وقد قال لهم عمر - رضي الله عنه -: "إن هذا لم يفعله اللذان كانا قبلي- يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر - رضي الله عنه -". فدل ذلك على أن رسول الله - عليه السلام - وأبا بكر - رضي الله عنه - لم يأخذا مما كان يحضرهما من الخيل صدقةً، ولم ينكر على عمر - رضي الله عنه - ما قال من ذلك أحد من أصحاب رسول الله - عليه السلام -، ودلَّ قول علي لعمر - رضي الله عنهما -: "قد أشاروا عليك إن لم يكن جزية راتبة وخراجا واجبًا"، وقبول عمر - رضي الله عنه - ذلك منه أن عمر إنما كان أخذ منهم ما أخذ بسؤالهم إياه أن يأخذه منهم فيصرفه في الصدقات، وأن لهم منع ذلك منه متى أحبوا، ثم سلك عمر - رضي الله عنه - بالعبيد أيضًا في ذلك مسلك الخيل فلم يكن ذلك بدليل على أن العبيد الذين لغير التجارة تجب فيهم صدقة، وإنما كان ذلك على التبرع من مواليهم بإعطاء ذلك، فكذلك ما أخذه منهم بسبب الخيل ليس ذلك بدليل على أن الخيل فيها صدقة، ولكن ذلك على التبرع من أربابها بإعطاء ذلك.
ش: هذا جواب عما احتج به أهل المقالة الأولى مما روي، عن عمر - رضي الله عنه - أنه كان يأخذ من الفرس صدقة.
بيان ذلك: أن يقال: إن ما روي عن عمر من ذلك فليس لهم فيه حجة؛ لأن عمر - رضي الله عنه - لم يكن يأخذ ذلك منهم على أنه كان واجبًا عليهم وإنما كان أخذ منهم ما أخذ بسؤالهم إياه على سبيل التبرع والتقرب إلى الله تعالى، ليأخذ ذلك ويصرفه في
الصدقات، والدليل على ذلك: ما رواه حارثة بن مضرب، ألا ترى أنهم لما قالوا: