للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى سفيان الثوري وابن عيينة وغير واحد، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي.

قال: وسألت محمَّد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال: كلاهما عندي صحيح عن أبي إسحاق، يحتمل أن يكون روى عنهما جميعًا.

وأخرجه أبو داود (١): عن عمرو بن عون، عن أبي عوانة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي قال: قال رسول الله - عليه السلام -: "قد عفوت عن الخيل والرقيق، فهاتوا صدقة الرقة من كل أربعين درهمًا، وليس في تسعين ومائة شيء، فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دارهم".

قوله: "والرقيق" فعيل بمعنى مفعول من الرق وهو العبودية، وإنما أسقط الصدقة عن الخيل والرقيق إذا كانت للركوب والخدمة، فأما إذا كان منها شيء للتجارة ففيه الزكاة في قيمته.

وقال ابن الجوزي: هذا الحديث ناسخ لحديث أبي هريرة المذكور أولًا؛ لأن العفو لا يكون إلا عن شيء لازم. وفيه نظر قد بيَّناه.

ص: فإن قال قائل: فقد قرن مع ذلك الرقيق فلما كان لا ينفي أن تكون الصدقة واجبةً في الرقيق إذا كانوا للتجارة، فكذلك لا ينفي ذلك أن تكون الزكاة واجبةً في الخيل إذا كانت سائمةً، وكما كان قوله: "قد عفوت لكم عن صدقة الرقيق" إنما هو على الرقيق للخدمة خاصّةً، فكللك قوله: "قد عفوت لكم عن صدقة الخيل" إنما هو على خيل الركوب خاصةً.

قيل له: يحتمل ما ذكرت، وإذا بطل أن تنتفي الزكاة بهذا الحديث انتفت بما ذكرنا قبله مما في حديث حارثة؛ لأن فيه أن عليًّا - رضي الله عنه - قال لعمر- رضي الله عنه - ما قد ذكرنا، فدل ذلك أن معنى قول رسول الله - عليه السلام - هذا كان عند علي - رضي الله عنه - على نفي الزكاة منها؛ وإن كانت سائمة.


(١) "سنن أبي داود" (٢/ ١٠١ رقم ١٥٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>