فلما فعل عمر- رضي الله عنه - هذا بحضرة أصحاب رسول الله - عليه السلام - فلم ينكره عليه منكر كان حجة وإجماعًا منهم عليه.
فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.
ش: أي: قد روي، عن عمر - رضي الله عنه - ما وافق ما روي عن عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - في أمره أن يؤخذ من المسلمين ربع العشر، ومن الذمي نصف العشر، ومن الحربي العشر كاملًا، وهو المراد من قوله:"ممن لا ذمة له" حيث فسره بقوله: "الروم"؛ وذلك لأن الروم كانوا حينئذٍ أهل حرب، وكانت تجارهم يدخلون أرض العرب للتجارة، ولما أمر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بذلك والصحابة حينئذٍ متوافرون، ولم ينكر ذلك أحد منهم عليه؛ فصار إجماعًا منهم على هذا الحكم وعلى أن ولاية الأخذ للإمام.
ثم إنه أخرج الأثر المذكور بإسناد صحيح: عن أبي بشر عبد الملك بن مروان الرقي، عن معاذ بن معاذ العنبري شيخ أحمد، عن عبد الله بن عون، عن أنس بن سيرين مولى أنس بن مالك أخي محمَّد بن سيرين.
وأخرجه البيهقي في "سننه"(١): من حديث ابن عون، عن أنس بن سيرين، قال:"أرسل إلى أنس فأبطأت عليه، ثم أرسل إليَّ فأتيته، فقال: إني كنت لأرى أني لو أمرتك أن تعضّ على حجرٍ كذا وكذا ابتغاء مرضاتي لفعلت، اخترت لك خيرَ عمل فكرهته، إنما أكتب لك سنة عمر- رضي الله عنه -، قلت: فاكتب لي سنة عمر - رضي الله عنه -، قال: فكتب: من المسلمين من كل أربعين درهمًا درهم، ومن أهل الذمة من كل عشرين درهمًا درهمٍ، وممن لا ذمة له من كل عشرة دراهم درهم، قلت: مَن لا ذمة له؟ قال: الروم كانوا يقدمون من الشام".
ص: وأما وجهه من طريق النظر: فإنا قد رأيناهم أنهم لا يختلفون أن للإمام أن يبعث إلى أرباب المواشي السائمة حتى يأخذ منهم صدقة مواشيهم إذا وجب فيها