ش: أراد بالقوم هؤلاء: طائفة من المالكية وجماعة من الظاهرية؛ فإنهم قالوا: ينبغي للمصدق أن يأخذ الشارف والبكر وذوات العيب، ولا يأخذ خيار أموال الناس.
وقال مالك في "الموطأ": السنة عندنا والذي أدركت عليه أهل العلم: أنه لا يضيق على المسلمين في زكاتهم، وأن يقبل منهم ما دفعوا من أموالهم.
وقال ابن قدامة في "المغني": قال مالك والشافعي: إن رأى المصدق أن أخذ الشارف وذوات العوار ونحوهما خير له وأنفع للفقراء، فله أخذه.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، وقالوا: لا يأخذ في الصدقات ذات عيب، وإنما يأخذ عدلًا من المال.
ش: أي: خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: جماهير الفقهاء من الأئمة الأربعة وأصحابهم، وإسحاق وأبي ثور وأبي عبيد وآخرين؛ فإنهم قالوا: لا يأخذ في الصدقات ذات عيب، بل يأخذ عدلًا -أي وسطًا- من المال، اللهم إلا إذا كان جميع النصاب ذوات العيوب، فإنه حينئذٍ يأخذ منها.
وقال ابن التين: وإنما لم يأخذ ذات العَوار ما دام في المال شيء سليم لا عيب فيه، فإن كان المال كله معيبًا فإنه يأخذ واحدًا من وسطه، وهو قول الشافعي.
وقال مالك: يكلف بإتيان صحيح.
وذكر ابن بزيزة في "أحكامه": وفي مذهب مالك فيه أربعة أقوال: فقيل: لا يؤخذ منها على الإطلاق. وقيل: لا يؤخذ منها ويكلف رب المال أن يأتي بالوسط. وقيل: يؤخذ منها إن كانت سخالًا كلها.
وكذلك اختلفوا في الحبوب إذا كانت من صنف رديء أو عال، هل يؤخذ منه أو لا؟ والحكم بالوسط أعدل.
ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا محمَّد بن عبد الله الأنصاري، قال: ثنا أيضًا، عن ثمامة، عن أنس: "أن أبا بكر الصديق