أبي سعيد أن ابعث إليَّ بزكاة رقيقك. فقال أبو سعيد للرسول: إن مروان لا يعلم أنما علينا أن نعطي لكل رأسٍ عند كل فطرٍ صاعًا من تمر أو نصف صاع من بُرّ".
فهذا أبو سعيد قد أخبر في هذا بما عليه أن يؤديه في زكاة الفطر عن عبيده، فدلَّ ذلك على ما ذكرنا، وأن ما روي عنه ما زاد على ذلك كان اختيارًا ولم يكن فرضًا.
ش: أي: الدليل على صحة ما ذكرنا من التوفيق بين حديثي أبي سعيد وأسماء: أن أبا بكرة بكار القاضي قد حدثنا، قال: ثنا الحجاج بن منهال الأنماطي، عن حماد بن سلمة، عن يونس بن عبيد البصري، عن الحسن البصري.
وهذا إسناد صحيح.
فهذا أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قد أخبر في هذا الحديث أن الواجب عليه نصف صاع من بُرٍّ، وهذا بالتصريح والتنصيص عليه، فدلَّ قطعًا أن ما ذكره في حديثه الأول من الزيادة على نصف صاع كان بطريق الاختيار؛ طلبًا للفضل لا بطريق الفرض.
وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (١): من طريق حماد بن سلمة ... إلى آخره، نحو رواية الطحاوي سواء.
ص: وقد جاءت الآثار عن رسول الله - عليه السلام - بما فرضه في زكاة الفطر موافقة لهذا أيضًا.
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عارم. (ح)
وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سليمان بن حرب، قالا: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "أمر النبي - عليه السلام - بصدقة الفطر عن كل صغير وكبير، حرٍّ وعبد، صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر. قال: فَعَدَله الناس بمُدَّين من حنطة".