حكمهم، فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار وقد ثبت بذلك ارتفاع وجوب الوضوء لكل صلاة.
ش: وجه ثبوت عدم أمره - عليه السلام - إياهم بالسواك ظاهر من ظاهر الحديث، وفي ارتفاع السواك عنهم والحال أنَّه كان بدلا من الوضوء لكل صلاة كما في حديث عبد الله بن حنظلة المذكورة دليل على أنَّ الوضوء لكل صلاة لم يكن واجبا عليهم، ولا أنهم أمروا بذلك بل المأمور به هو النبي - عليه السلام - فإذا كان كذلك يثبت ارتفاع وجوب الوضوء لكل صلاة.
ص: وأما وجه ذلك من طريق النظر: فإنا رأينا الوضوء طهارة من حدث، فأردنا أنْ ننظر في الطهارات من الأحداث كيف حكمها؟ وما الذي يَنْقُضُها؟ وجدنا الطهارات التي توجبها أحداثُ على ضربين: فمنها الغسل، ومنها الوضوء، فكان من جَامَع أو أَجْنَبَ وجبَ عليه الغسل، وكان من بالَ أو تغوَّطَ وجبَ عليه الوضوء، فكان الغسلُ الواجبُ بما ذكرنا، لا تنقضه مرور الأوقات ولا تنقضه إلَّا الأحداث، فلما ثبت أنَّ حكم الطهارة من الجماع والاحتلام كما ذكرنا، كان في النظر أيضًا أنْ يكون [حكم](١) الطهارات من سائر الأحداث كذلك وأنه لا ينقض ذلك مرور الوقت، كما لا ينقض الغسل مرور وقت.
ش: ملخصه على وجه التحرير: أنَّ الطهارة من الأحداث على نوعين: طهارة يرى وهو الغسل، وطهارة صغرى وهو الوضوء، فالموجب في الأولى: خروج المني على وجه الدفق، والشهوة، والتقاء الختانين، وفي الثانية: البول والغائط ونحوه.
ثم إنه إذا تطهر في الأولى، لا ترتفع طهارته تلك بمرور الأزمان، إلَّا إذا وُجِدَ الحدث، فكذلك في القياس، ينبغي أنْ يكون في الصغرى كذلك، بألَّا ترتفع بمرور الأزمان إلَّا بالحدث؛ قياسا على الكبرى؛ لأنها أختها ونظيرتها فافهم.
(١) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".