وقال آخرون: بل هو من الحنطة نصف صاع ومما سوى ذلك صاع، وكلهم قد عدل الحنطة بمثليها من التمر والشعير، فكان النظر على ذلك إذ كانت صدقة الفطر صاعًا من التمر والشعير أن تكون من الحنطة مثل نصف ذلك، وهو نصف صاع.
فهذا هو النظر في هذا الباب أيضًا، وقد وافق ذلك ما جاءت به الآثار التي ذكرنا، فبذلك نأخذ.
وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
ش: أي: ثم القياس أيضًا "قد دلَّ على" أن صدقة الفطر من القمح نصف صاع؛ "وذلك أنا رأيناهم" أي الأخصام الذين اختلفوا في هذا الباب "أجمعوا أنها" أي أن صدقة الفطر.
قوله:"قد أُجمع" على صيغة المجهول.
قوله:"فقال قوم" أراد بهم: الحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار؛ فإنهم ذهبوا إلى أن الكفارة في اليمين هي مُدٌّ، وهو ربع الصاع.
وروي ذلك عن أبي هريرة وابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم -.
قوله:"وقال آخرون" أي: جماعة آخرون، وأراد بهم: الثوري والنخعي، وأبا حنيفة وأصحابه وآخرين، على ما سيجيء مستقصًى إن شاء الله في موضعه.
قوله:"إذْ كانت" أي: حين كانت.
قوله:"فبذلك نأخذ" أشار به إلى أنه اختار في هذا الباب قول أهل المقالة الثانية، وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه رحمهم الله.