للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها حديث عائشة وابن عمر - رضي الله عنهم -، أن النبي - عليه السلام - قال: "إن بلالًا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم".

أخرجه البخاري (١) ومسلم (٢).

ومنها حديث أُنيسة قالت: قال رسول الله - عليه السلام -: "إذا أذن ابن أم مكتوم فلا تأكلوا ولا تشربوا، وإذا أذن بلال فكلوا واشربوا".

أخرجه النسائي (٣).

وهذه الأحاديث تحدد الوقت الذي يحرم به الأكل والشرب على الصائم، وكلها مخالفة لحديث حذيفة، فيردُّ بها حديث حذيفة.

ص: وقد يحتمل حديث حذيفة - رضي الله عنه - عندنا -والله أعلم- أن يكون قبل نزول قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (٤).

ش: أشار بهذا إلى جواب ثانٍ عن حديث حذيفة، وهو أنه يحتمل أن يكون وروده قبل نزول قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} (٤) إلى آخره، فلما نزلت هذه الآية نُسخ ذلك الحكم، والآية تقتضي إباحة الأكل والشرب والجماع إلى أن يظهر الفجر الصادق؛ لأن المراد من الخيط الأبيض هو الفجر الصادق بقرينة قوله: {مِنَ الْفَجْرِ} (٤).

والخيط مجاز واستعارة في سواد الليل وبياض النهار.

وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: الخيط الأبيض هو الصبح، والخيط الأسود الليل.

ثم إن بعضهم من الصحابة - رضي الله عنهم - حملوا ذلك على حقيقة الخيط الأبيض والأسود، منهم: عدي بن حاتم وغيره، على ما يأتي عن قريب.


(١) "صحيح البخاري" (١/ ٢٢٣ رقم ٥٩٢).
(٢) "صحيح مسلم" (٢/ ٧٦٨ رقم ١٠٩٢).
(٣) "المجتبى" (٢/ ١٠ رقم ٦٤٠).
(٤) سورة البقرة، آية: [١٨٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>