ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أن الرجل إذا لم ينوِ الدخول في الصيام قبل طلوع الفجر لم يجزه أن يصوم يومه ذلك بنية تحدث له بعد ذلك، واحتجوا بهذا الحديث.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: الأوزاعي وأبا سليمان ومالكًا والشافعي وأحمد وإسحاق والظاهرية، فإنهم قالوا: لا يجوز صوم رمضان إلا بنية من الليل، واحتجوا في ذلك بحديث حفصة المذكور.
وقال الترمذي: معنى الحديث عند بعض أهل العلم: لا صيام لمن [لم](١) يجمع الصيام قبل طلوع الفجر في رمضان أو في قضاء رمضان أو في صيام نذر، إذا لم ينوه من الليل لم يجزه، وأما صيام التطوع فمباح له أن ينويه بعد ما أصبح وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.
وقال ابن حزم في "المحلى": ولا يجوز صوم التطوع أيضًا إلا بنية من الليل، ولا صوم قضاء رمضان أو الكفارات إلا كذلك، لعموم النصوص.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: هذا الحديث لا يرفعه الحفاظ الذين يروونه عن ابن شهاب، ويختلفون عنه فيه اختلافًا يجب اضطراب الحديث بما هو دونه، ولكن مع ذلك نثبته ونجعله على خاصٍّ من الصوم وهو صوم الفرض الذي ليس في أيام بعينها، مثل الصوم في الكفارات، وقضاء رمضان وما أشبه ذلك.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: النخعي والثوري وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمد وزفر، فإنهم قالوا: تجوز النية في صوم رمضان والنذر المعين وصوم النفل إلى ما قبل الزوال.
قوله:"فقالوا" أي هؤلاء الآخرون: هذا الحديث -أي: حديث حفصة المذكور- لا يرفعه الرواة الحفاظ الذين يروونه عن محمَّد بن مسلم بن شهاب الزهري ويختلفون عنه فيه اختلافًا كثيرًا يؤدي إلى اضطراب هذا الحديث بما دون
(١) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "جامع الترمذي".