وقال ابن حزم في "المحلى": ولا يجزئ صوم التطوع إلا بنية من الليل، وهو قول مالك وأبي سليمان.
قلت: مذهب الجمهور جواز ذلك ما لم ينتصف النهار، وهو مذهب عائشة أم المؤمنين، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عباس، وأنس، وأبي طلحة، وأبي أيوب، ومعاذ بن جبل، وأبي الدرداء، وأبي هريرة، وابن مسعود - رضي الله عنهم -.
وهو قول جماعة من التابعين أيضًا منهم: سعيد بن المسيب وعطاء الخراساني، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد والنخعي، والشعبي، والحسن البصري.
وأما نية صوم التطوع بعد الزوال فغير جائزة عند أصحابنا، وقال سفيان الثوري وأحمد بن حنبل: مَن أصبح وهو ينوي الفطر إلا أنه لم يأكل ولم يشرب ولم يطأ؛ فله أن ينوي الصوم ما لم تغلب الشمس ويصح صومه.
وروي نحو ذلك عن حذيفة أنه قال:"مَن بدا له في الصيام بعد أن تزول الشمس فليصم".
ويروى ذلك عن عطاء، وسعيد بن المسيب.
ص: وقد عمل بذلك جماعة من أصحاب رسول - عليه السلام - من بعده.
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب وروح، قالا: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال:"إذا أصبح أحدكم ثم أراد الصوم بعد ما أصبح فإنه بأحد النظرين".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا أبو إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال:"متى أصبحت يومًا فأنت على أحد النظرين ما لم تطعم أو تشرب، فصم وإن شئت فأفطر".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا زهير، قال: ثنا أبو إسحاق، عن الحارث الأعور، عن علي - رضي الله عنه - مثله.