للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد يكون تسعًا وعشرين ويكون ثلاثين"، فأخبر أن ذلك جائز في كل شهر من المشهور، وسنذكر ذلك بإسناده في موضعه من كتابنا إن شاء الله تعالى.

ش: أراد بالقوم هؤلاء: جماعة من أهل الحديث منهم: أحمد بن حنبل، فإنهم قالوا: معنى قوله: "لا ينقصان" لا يجتمع نقصانهما في عام واحد، يعني لا ينقصان معًا في سنة واحدة، بل إن نقص أحدهما يتم الآخر البتة، وزيف الطحاوي هذا القول بقوله: وهذا قول قد دفعه العيان، أي المشاهدة وهو أنا قد وجدنا الشهرين المذكورين ينقصان معًا في عام واحد.

قوله: "فدفع ذلك قوم بهذا ... " إلى آخره، إشارة إلى أن طائفة من العلماء دفعوا هذا القول بشئين:

أحدهما: هو ما ذكره.

والثاني: بحديث النبي - عليه السلام - وهو قوله: "فإن غمَّ عليكم فعدوا ثلاثين" (١)، رواه ابن عمر - رضي الله عنهما -، وقوله - عليه السلام -: "إن الشهر قد يكون تسعًا وعشرين وقد يكون ثلاثين" (٢)، رواه أبو هريرة، وسيجيء بيان هذه الأحاديث في كتاب الإيمان إن شاء الله تعالى.

ص: وذهب آخرون إلى تصحيح هذه الآثار كلها، وقالوا: أما قوله: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" فإن الشهر قد يكون تسعًا وعشرين وقد يكون ثلاثين، فذلك كله كما قال، وهو موجود في الشهور كلها.

وأما قوله: "شهرا عيد لا ينقصان: رمضان وذو الحجة" فليس ذلك عندنا على نقصان العدد، ولكنهما فيهما ما ليس في غيرهما من المشهور، في أحدهما الصيام، وفي الآخر الحج، فأخبرهم رسول الله - عليه السلام - أنهما لا ينقصان وإن كانا تسعًا وعشرين، وهما شهران كاملان كانا ثلاثين ثلاثين أو تسعًا وعشرين تسعًا وعشرين؛ ليعلم


(١) متفق عليه من حديث ابن عمر، البخاري (٢/ ٦٧٢ رقم ١٨٠١)، ومسلم (٢/ ٧٥٩ رقم ١٠٨٠).
(٢) البخاري (٣/ ٢٠٧ رقم ١٩٢١) من حديث عمر بن الخطاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>