النائم المضطجع؛ لأن من نام قاعدا، أو ساجدا، أو راكعا، لا يقال: إنه قام من النوم؛ لأن السلف وسائر فقهاء الأمصار اتفقوا على نفي إيجاب الوضوء على من نام قاعدا، غير مستندٍ إلى شيء، وروى عطاء عن ابن عباس - رضي الله عنه -: "أنَّ رسول الله - عليه السلام - أخّر صلاة العشاء ذات ليلة حتى نام الناسُ، ثم استيقظوا، فجاء عمر- رضي الله عنه - فقال: الصلاة يا رسول الله، فخرج وصل"(١) ولم يذكر أنهم توضأوا.
وروى قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - قال:"كنا نجيء إلى مسجد رسول الله - عليه السلام - ننتظر الصلاة، فمنا مَنْ نعس، ومنّا منْ نام، ولا نُعيد وضوءا".
وروى نافع عن ابن عمر قال:"لا يجب عليه الوضوء حتى يضع جنبه وينام" ثم إنما كان نوم المضطجع حدثا؛ لاسترخاء مفاصله، فلا يؤمن منه خروج الريح، فإذا كانت العلة هذا يدخل في مضمر الآية إيجاب الوضوء من الريح، والغائط، والبول، والمذي، والمني، ودم الاستحاضة، فكل هذه أحداث، يشتمل عليها مضمر الآية، ويؤخذ من هذا أنَّ النوم حدث، وبه قال علماء الأمة، إلَّا ما روي عن أبي موسى الأشعري أنَّه لم يكن يراه حدثا، ولم يثبت ذلك ... انتهى.
واعلم أنَّ العلماء اختلفوا في النوم هل ينقض الوضوء أم لا؟ على مذاهب:
أحدها: أنَّ النوم لا ينقض الوضوء بحال، وهو محكي عن أبي موسى الأشعري، وسعيد بن المسيّب، وأبي مجلز، وحميد بن عبد الرحمن، والأعرج، قال ابن حزم: وإليه ذهب الأوزاعي، وهو قول صحيح عن جماعة من الصحابة وغيرهم، منهم: ابن عمر، ومكحول، وعَبِيدَة السَلْماني.
وادّعى بعضهم الإجماع على خلافه، وهو غير جيد؛ لِمَا روى أنس:"كان أصحاب رسول الله - عليه السلام - ينتظرون الصلاة فيضعون جنوبهم فمنهم من ينام ثم يقومون إلى الصلاة".