تمر، فيه خمسة عشر صاعًا، قال: خذه وتصدق به، فقال: على أفقر من أهلي؟ فوالله ما بين لابتي المدينة أحوج من أهلي، فضحك رسول الله - عليه السلام - حتى بدت أنيابه ثم قال: خذه واستغفر الله، وأطعمه أهلك".
هذا إسناد صحيح.
قلت: رواية الطحاوي عن الأوزاعي ليس فيها ذكر الأصوع، وهي هذه الصحيحة، فلذلك قال البيهقي: ورواه ابن المبارك، عن الأوزاعي، عن الزهري فجعل هذا التقدير عن عمرو بن شعيب، أراد به تقدير ما في العَرَق بالأصوع، فالذي يشبه أن يكون تقدير المكتل بخمسة عشر صاعًا عن عمرو بن شعيب.
وقال البيهقي أيضًا (١): ورواه ابن المبارك والهِقل ومسرور بن صدقة، عن الأوزاعي، لكن جعل ابن المبارك قوله: خمسة عشر صاعًا من رواية عمرو بن شعيب، وأدرجه الآخران في الحديث كالوليد.
قوله: "بينا نحن عند رسول الله - عليه السلام -" قد ذكرنا غير مرة أن "بينا" أصله بين، فأشبعت الفتحة فصارت ألفًا، يقال: بينا وبينما، وهما ظرفا زمان بمعنى المفاجأة، ويضافان إلى جملةٍ من فعل وفاعل، ومبتدأ وخبر، ويحتاجان إلى جواب يتم به المعنى، وجوابه: ها هنا: إذْ جاءه رجل، وقد قالوا: إن الأفصح أن لا يكون في جوابها إذ وإذا، ولكن تجيء إذ وإذا كثيرا في الجواب.
قوله: "هلكتُ" وروي في بعض الروايات: "هلكت وأهلكت"، فمن ذلك قالوا: إن قوله: أهلكت، دل على مشاركة المرأة إياه في الجناية؛ لأن الإهلاك يقتضي الهلاك ضرورة كالقطع يقتضي الانقطاع، وكذا هو وقع في عبارة "صاحب الهداية" وغيره بهذه اللفظة، وقال الخطابي: هذه اللفظة -أعني قوله: وأهلكت- غير موجودة في شيء من رواية هذا الحديث، وأصحاب سفيان لم يرووها عنه، وإنما