ذكروا "هلكت" حسب، غير أن بعض أصحابنا حدثني أن المعلى بن منصور روى هذا الحديث عن سفيان فذكر هذا الحرف فيه، فهو غير محفوظ، والمعلى ليس بذاك في الحفظ والإتقان.
قلت: معلى بن منصور الرازي ثقة ثبت، أخرج له الجماعة وهو من كبار أصحاب أبي يوسف ومحمد، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة فيما تفرد به وشورك فيه، متقن صدوق فقيه مأمون. وقال أبو حاتم: كان صدوقًا في الحديث، وكان صاحب رأي. وقال العجلي: صاحب سنة، وكان نبيلًا طلبوه على القضاء غير مرة فأبى. وعادة الخطابي حطه على الأئمة الحنفية بما لا يضرهم ولا يجديه.
قوله:"ويلك" كلمة تهديد وتوعيد، كما أن "ويحك" كلمة ترحم وإشفاق.
قوله:"أعلى أهل بيت" الهمزة فيه للاستفهام، ووقع في رواية مسلم:"أفقر منا" قال القاضي: رويناه بالنصب على إضمار الفعل أي: أتجد أفقر منا أو تعطي أفقر منا؟! وقد يصح رفعه على خبر المبتدأ أي: أتجد أفقر منا، أو مَن يتصدق عليه أفقر منا، ووقع لمسلم في رواية عائشة:"أغيرنا"، قال القاضي: بالضم، ويصح بالفتح.
قوله:"ما بين لابتيها" أي ما بين جانبي المدينة، واللابة: الحرة وهي أرض ذات حجارة سود بين جبلين، قال أبو عبيد:"لابتيها" يعني: حَرَّتي الدينة، واحدتها لابة، وجمعها لوب، وقال ابن الأثير: اللابة الحَرَّة وهي الأرض ذات الحجارة السود التي قد ألبستها لكثرتها، وجمعها لابات، فإذا كثرت فهي اللآب واللوب، مثل قارة وقار وقور، وألفها منقلبة عن واو، والمدينة ما بين حرتين عظيمتين.
قلت: الحَرَّة بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء.
ويستفاد من هذا الحديث أحكام:
الأول: استدل به الجمهور على أن ذلك في العامد لجماعه دون الناسي.
الثاني: قوله: "هل تجد رقبة" استدل به الشافعي وداود وأهل الظاهر على مذهبهم