في أنه لا يلزم في الجماع على الرجل والمرأة إلا كفارة واحدة؛ إذ لم يذكر حكم المرأة، وهو موضع البيان، وقد أجبنا عن هذا فيما مضى.
الثالث: استدل بقوله: "رقبة تعتقها" مَن لا يشترط فيها الإيمان لإطلاقه ذلك، وقال مالك وأصحابه: لا تجزئ إلا رقبة مؤمنة.
الرابع: فيه دليل صريح باشتراط التتابع في صوم شهرين، خلافًا لما روي في ذلك عن ابن أبي ليلى أنه لا يلزم فيهما التتابع.
الخامس: فيه دليل صريح بأن الواجب في الإطعام هو إطعام ستين مسكينًا خلافًا لما روي عن الحسن أنه يطعم أربعين مسكينًا عشرين صاعًا.
السادس: استدل بقوله: "أطعمه أهلك" بعضهم أن الكفارة تسقط عن المعسر، وقال الزهري: هذا خاص لهذا الرجل وحده، يعني أنه يجزئه أن يأكل من صدقة نفسه لسقوط الكفارة عنه لفقره، فسوغها له النبي - عليه السلام -، وقد روي:"كله وأطعمه أهلك" وقيل: هو منسوخ.
وقيل: يحتمل أنه أعطاه إياه لكفارته، وأنه يجزئه عمن لا تلزمه نفقته من أهله.
وقيل: بل لما كان عاجزًا عن نفقة أهله جاز له إعطاء الكفارة عن نفسه لهم.
وقيل: بل لما ملكها إياه النبي - عليه السلام - وهو محتاج جاز له أكلها وأهله لحاجة.
وقيل: يحتمل أنه لما كان لغيره أن يكفر عنه، كان لغيره أن يتصدق عليه عند الحاجة بتلك الكفارة.
وقيل: بل أطعمه إياه لفقره وأبقى الكفارة عليه متى أيسر، وهذا تحقيق كافة الأئمة العلماء.
وذهب الأوزاعي وأحمد إلى أن حكم مَن لم يجد الكفارة ممن لزمته من سائر الناس سقوطها عنه مثل هذا الرجل.