وقال أبو عمر: اختلف العلماء في الواطئ أهله في رمضان إذا وجب عليه التكفير بالإطعام دون غيره، ولم يجد ما يطعم، وكان في حكم الرجل الذي ورد هذا الحديث فيه.
فأما مالك فلم أجد عنه في ذلك شيئًا منصوصًا، وكان عيسى بن دينار يقول: إنها على المعسر واجبة، فإذا أيسر أداها، وقد يخرج قول ابن شهاب على هذا؛ لأنه جعل إباحة النبي - عليه السلام - لذلك الرجل أكل الكفارة لعسرته رخصة له وخصوصًا.
قال ابن شهاب: ولو أن رجلًا فعل ذلك اليوم لم يكن له بد من التكفير.
وقال الشافعي: قول رسول الله - عليه السلام -: "كله وأطعمه أهلك" يحتمل معانيًا منها:
أنه لما كان في الوقت الذي أصاب فيه أهله ليس ممن يقدر على واحدة من الكفارات تطوع رسول الله - عليه السلام - بأن قال له في شيء أُتِيَ به كفره، فلما ذكر الحاجة ولم يكن الرجل قبضة قال له:"كله وأطعمه أهلك" وجعل التمليك له حينئذ مع القبض،
ويحتمل أنه لما ملكه وهو محتاج، وكان إنما تكون الكفارة عليه إذا كان عنده فضل، ولم يكن عنده فضل كان له أن يأكله هو وأهله لحاجته، ويحتمل في هذا أن تكون الكفارة دينًا عليه متى أطاقها أداها، وإن كان ذلك ليس في الخبر، وكان هذا أحب إلينا وأقرب من الاحتياط.
ويحتمل أن يكون إذا لم يقدر على شيء في حاله تلك أن تكون الكفارة ساقطة إذا كان معلومًا كما سقطت الصلاة عن المغمى عليه إذا كان مغلوبًا.
وحكى الأثرم عن أحمد بن حنبل: إن كان المجامع في رمضان محتاجًا أطعمه عياله فقد أجزأ عنه.
قلت: ولا يكفر مرة أخرى إذا وجد؟ قال: لا، قد أجزأت عنه إلا أنه خاص في الجماع في رمضان وحده لا في كفارة اليمين ولا في كفارة الظهار، ولا في غيرها إلا في الجماع وحده.