باب:"التسمية على الوضوء"، وقد تكلم ابن حزم (١) في هذا الموضع بكلام سخيف من غير تروي ولا فهم صحيح فقال: وقال بعض أهل الجهل والجرأة على القول بالباطل في الدين معنى قوله: - عليه السلام - "ليس من البر الصيام في السفر" مثل قوله: - عليه السلام - "ليس المسكين بهذا الطواف لا هذا تحريف للكلم عن مواضعه، وكذب على رسول الله - عليه السلام -،وتقويل له ما لم يقل، وفاعل هذا يتبوأ مقعده من النار بنص قوله - عليه السلام - ... إلى غير ذلك من الهذيانات والخرفات.
قلت: هذا الكلام السخيف كله لأجل تمشية مذهبه الباطل، وليس ما ذكروه تحريف للكلم عن مواضعه، وإنما هو تأويل صحيح لأجل التوفيق بينه وبين غيره من الأحاديث التي تعارضه؛ وذلك لأنه رويت أحاديث صحيحة بصوم رسول الله - عليه السلام - في السفر، فإذا لم يؤول الحديث المذكور بهذا التأويل يقع التضاد بين الأخبار، ودفع التعارض والتضاد مهما أمكن واجب؛ لتصحيح معاني الأخبار والعمل بكلها، وابن حزم حفظ شيئًا وقد غابت عنه أشياء، حيث لم يجوِّز الصوم في السفر، والحال أنه - عليه السلام - قد صام فيه، وكذلك صام جماعة من الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم -.
فإن قيل: يجوز أن يكون صومه - عليه السلام - في رمضان في سفره تطوعًا.
قلت: هذا وإن كان محتملًا ولكنه لم يثبت أنه صام تطوعًا، على أن الأقرب أن صومه كان من رمضان؛ لأنه لا يترك الفرض إلى أيام أخر مع كون الإدراك مظنونًا ويصوم التطوع.
ثم إنه أخرج حديث "ليس المسكين ... " إلى آخره في هذا الكتاب في موضعين قبل هذا الموضع: