للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ليس الأمر كذلك، وإنما هو مشهور، وقد وثقه ابن حبان، وقال العجلي: تابعي ثقة.

وأخرج أبو داود حديثه (١): ثنا عيسى بن حماد، قال: أنا الليث -يعني ابن سعد- عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن منصور الكلبي: "أن دحية بن خليفة خرج من قريته من دمشق إلى قدر قرية عقبه من الفسطاط، وذلك ثلاثة أميال، وذلك في رمضان، ثم إنه أفطر وأفطر معه ناس، وكره آخرون أن يفطروا، فلما رجع إلى قريته قال: والله لقد رأيت اليوم أمرًا ما كنت أظن أن أراه؛ إن قومًا رغبوا عن هَدْي رسول الله - عليه السلام - وأصحابه- يقول ذلك للذين صاموا، ثم قال عند ذلك: اللهم اقبضني إليك".

وأخرجه البيهقي أيضًا في "سننه" (٢) نحوه من حديث الليث بن سعد.

قوله: "خرج من قريته بدمشق" وكانت قريته هي التي تدعى اليوم قرية المزَّة.

قوله: "قدر قرية عقبة" وهو عقبة بن عامر الجهني، أراد قدر قرية عقبة من الفسطاط، وذلك ثلاثة أميال كما ذكر ذلك في رواية أبي داود، وقرية عقبة هي التي تسمى اليوم منية عقبة من بلاد جيزة، والمراد من الفسطاط هي مدينة مصر.

قوله: "عن هَدْي رسول الله - عليه السلام -" بفتح الهاء وسكون الدال، وهو السيرة والهيئة والطريقة، أراد أن قومًا رغبوا، أي أعرضوا عن طريقة رسول الله - عليه السلام - وسنته وخصلته التي كان يفعلها، يقال: هدى هدي فلان: إذا سار بسيرته، ومنه الحديث: "اهدوا هدي عمار" (٣) أي: سيروا يسير ته وتهيئوا بهيئته، ومنه حديث ابن مسعود: "إن أحسن الهدي هدي محمَّد" (٤).

قوله: "فكان من الحجة للذين استحبوا الصوم في السفر ... إلى آخره".


(١) "سنن أبي داود" (٢/ ٣١٩ رقم ٢٤١٣).
(٢) "سنن البيهقي الكبرى" (٤/ ٢٤١ رقم ٧٩٣٣).
(٣) "الاستيعاب" (٣/ ٩٨٩).
(٤) "سنن الدارمي" (١/ ٨٠ رقم ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>