وقال القاضي في شرح حديث مسلم: قد يحتج به من يرى الفطر أفضل لقوله فيه: "حسن"، وقوله في الصوم: فلا جناح، ولا حجة في هذا؛ فإن الأخذ بالرخصة حسن كما قال، وأما قوله في الصوم:"فلا جناح"، فجواب قوله:"هل عليَّ جناح؟ " ولا يُفهم منه أنه أنزل درجة من الفطر، ولا أنه ليس بحسن، بل جاء في الحديث الآخر وصفهما جميعًا بحسن.
قلت: وبهذا خرج الجواب عما قيل: إن قول الطحاوي: "فدل ما ذكرنا عن رسول الله - عليه السلام - أن الصوم في السفر أفضل من الإفطار، وأن الإفطار إنما هو رخصة" فيه نظر؛ لأنه كيف يكون الصوم أفضل وقد ذكر - عليه السلام - في جانبه نفي الجناح، وذكر في جانب الإفطار الحسن والجمال؛ فافهم.
قوله:"وقد حدثنا ربيع الجيزي ... إلى آخره" ذكره أيضًا تأييدًا لقوله: "إن الصوم في السفر أفضل من الإفطار"، وذلك لأنه لو لم يكن أفضل لما صامت عائشة - رضي الله عنها - الدهر في السفر.
وأخرجه بإسناد صحيح: عن ربيع الجيزي، عن أبي زرعة وهب الله ... إلى آخره. وقد ذكروا كلهم الآن.
وأخرجه البيهقي في "سننه"(١): من حديث حيوة بن شريح وغيره، عن أبي الأسود، عن عروة:"أن عائشة - رضي الله عنها - كانت تصوم الدهر في السفر والحضر".