للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكرنا ذلك بأسانيده فيما تقدم من كتابنا هذا، فاليوم الذي بعده هو يوم السبت، ففي هذه الآثار المروية إباحة صوم يوم السبت تطوعا، وهي أشهر وأظهر في أيدي العلماء من هذا الحديث الشاذ الذي قد خالفها.

ش: أي، وكان من الدليل والبرهان للآخرين -وهم أهل المقالة الثانية-: أنه قد جاء الحديث ... إلى آخره، وهو ظاهر.

قوله: "وهي أشهر" أي: أحاديث النهي عن صيام يوم الجمعة إلا أن يصام قبله يوم أو بعده يوم أشهر وأظهر عند أهل العلم من هذا الحديث الشاذ، وأراد به حديث الصماء، والشاذ هو الحديث الذي يرويه الثقة مخالفا لما يرويه الناس.

وروى يونس بن عبد الأعلى قال: قال لي الشافعي: ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يروي غيره، إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس.

وقال الحافظ أبو يعلى الخليلي: الذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ بذلك شيخ، ثقة كان أو غير ثقة، فما كان عن غير ثقة فمتروك لا يقبل، وما كان عن ثقة يتوقف فيه ولا يحتج به.

وأشار الطحاوي -رحمه الله- بذلك إلى أن هذا الحديث وإن كان صحيح الإسناد ولكنه لا يعمل به لشذوذه، ومخالفته معظم الآثار الثابتة بخلافه، ولهذا لم يعده الزهري حديثا حين قيل له: حديث الصماء يدل على كراهة صوم يوم السبت، على ما يجيء عن قريب إن شاء الله تعالى.

وقال أبو داود: هذا الحديث منسوخ. وقال النسائي: هذا حديث مضطرب.

قلت: اضطرابه ظاهر؛ لأنه روي تارة عن عبد الله بن بسر عن النبي - عليه السلام - وتارة عن عبد الله بن بسر عن أخته، وتارة عن عبد الله بن بسر عن عمته، وتارة عن عبد الله بن بسر عن خالته.

<<  <  ج: ص:  >  >>