للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقوله: "من تشبه بقوم فهو منهم" (١) يعني: خالفهم ولا توافقهم، كما قال في حديث آخر: "خالفوا اليهود والنصارى" (١).

ص: وخالفهم في ذلك آخرون فلم يروا بصومه بأسًا.

ش: أي: خالف القوم المذكورين جماعة آخرون وأراد بهم: الثوري والأوزاعي وعبد الله بن المبارك وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا ومالكًا والشافعي وأحمد وإسحاق وآخرين من جمهور العلماء من التابعين وغيرهم فإنهم قالوا: لا بأس بصوم يوم السبت.

فإن قيل: كيف ذكرت أبا حنيفة وصاحبيه في أهل هذه المقالة وقد قال "صاحب البدائع": ويكره صوم يوم السبت بانفراده؛ لأنه تشبه باليهود؟!.

قلت: الطحاوي أعلم بمذهب أبي حنيفة من غيره، ولم يقل ذلك، بل منع قول من يقول بكراهته، ولو كان الأمر كما ذكره لنبه عليه.

ويؤيد هذا أيضًا ما رواه البيهقي (٢): من حديث ابن المبارك، نا عبد الله بن محمَّد بن عمر بن علي، عن أبيه، أن كريبًا أخبره: "أن ابن عباس - رضي الله عنهما - وناسًا من أصحاب رسول الله - عليه السلام - بعثوني إلى أم سلمة أسألها عن الأيام التي كان النبي - عليه السلام - أكثر لها صيامًا؛ فقالت: يوم السبت والأحد، فرجعت إليهم فأخبرتهم، فكأنهم أنكروا ذلك، فقاموا بأجمعهم إليها، فقالت: إن رسول الله - عليه السلام - أكثر ما كان يصوم من الأيام يوم السبت ويوم الأحد وكان يقول: "إنهما يوما عيد المشركين وأنا أريد أن أخالفهم".

ص: وكان من الحجة لهم في ذلك: أنه قد جاء الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن صوم يوم الجمعة إلا أن يصام قبله يوم أو بعده يوم.


(١) تقدم.
(٢) "سنن البيهقي الكبرى" (٤/ ٣٠٣ رقم ٨٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>