من كل شهر هي الأيام البيض، ألا ترى كيف بوب البخاري (١) وقال: باب صيام أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة. ثم قال: ثنا أبو معمر نا عبد الوارث، ثنا أبو التياح قال: حدثني أبو عثمان، عن أبي هريرة قال:"أوصاني خليلي - عليه السلام - بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام". انتهى.
فإن البخاري تأول الحديث بما ذكرنا، وترجم على الأيام البيض بذلك.
قال القاضي: ويتعين صيام هذه الأيام البيض، قاله جماعة من الصحابة والتابعين منهم: عمر بن الخطاب وابن مسعود وأبو ذر - رضي الله عنهم -.
واختار آخرون الثلاثة من أول الشهر منهم الحسن.
واختار آخرون صيام السبت والأحد والإثنين من شهر، ثم الثلاثاء والأربعاء والخميس، منهم: عائشة - رضي الله عنها -.
واختار آخرون الإثنين والخميس والخميس الآخر الذي يليه.
واختار بعضهم صيام أول يوم من الشهر ويوم العاشر ويوم العشرين، وبه قال أبو الدرداء - رضي الله عنه - وروي أنه كان صيام مالك، واختاره ابن سفيان، ووري عنه كراهة تعمد صيام الأيام البيض، وقال: ما هذا ببلدنا. وقال ابن سفيان: أفضل صيام التطوع أول يوم من الشهر، ويوم أحد عشر، ويوم أحد وعشرون.
ص: ولقد أنكر الزهري: حديث الصماء في كراهة صوم يوم السبت ولم يعده من حديث أهل العلم، بعد معرفته به.
حدثنا محمَّد بن حميد بن هشام الرعيني، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثنا الليث، قال:"سئل الزهري عن صوم يوم السبت، فقال: لا بأس به، فقيل له: فقد روي عن النبي - عليه السلام - في كراهته؟ فقال: ذلك حديث حمصي".