للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يعده الزهري حديثا يقال به، وضعفه.

وقد يجوز عندنا -والله أعلم وإن كان ثابتًا- أن يكون إنما نهى عن صومه لئلا يعظم بذلك فيمسك عن الطعام والشراب والجماع فيه كما يفعل اليهود.

فأما من صامه لا لإرادته تعظيمه ولا لما يريد اليهود بتركها السعي فيه؛ فإن ذلك غير مكروه.

ش: لما ذكر أن هذا الحديث شاذ يخالف الآثار الشهورة الدالة على عدم كراهة صوم يوم السبت، أيَّد كلامه بما روي عن محمَّد بن مسلم الزهري من تضعيفه إياه، فإن قوله: "ذلك حديث حمصي" إشارة إلى تضعيفه؛ فإن الراوي عن عبد الله بن بسر خالد بن معدان وهو حمصي، والراوي عنه ثور بن يزيد وهو أيضًا حمصي.

وقال أبو داود (١) أيضًا: ثنا عبد الملك بن شعيب، قال: ثنا ابن وهب، قال: سمعت الليث يحدث عن ابن شهاب أنه كان إذا ذكر له أنه نهى عن صيام يوم السبت، قال ابن شهاب: هذا حديث حمصي.

وقال (٢): ثنا محمَّد بن الصباح، قال: ثنا الوليد، عن الأوزاعي، قال: ما زلت له كاتمًا ثم رأيته قد انتشر، يعني: حديث عبد الله بن بسر هذا في صوم يوم السبت.

وقال أبو داود: قال مالك بن أنس: هذا كذب.

قوله: "وقد يجوز عندنا- والله أعلم ... إلى آخره" إشارة إلى، جواب آخر عن الحديث المذكور، بعد تسليمه صحته بالنظر إلى صحة سنده بيانه أن يقال: سلمنا أن هذا الحديث صحيح، ولكن لا نسلم أنه يدل على كراهة صوم يوم السبت مطلقًا، بل هو محمول على أن يصومه قاصدًا به تعظيمه بإمساكه عن الطعام والشراب والجماع كما يفعله اليهود، وأن يريد به ما يريد به اليهود بتركهم السعي


(١) "سنن أبي داود" (٢/ ٣٢١ رقم ٢٤٢٣).
(٢) "سنن أبي داود" (٢/ ٣٢١ رقم ٢٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>