ثنا مسلم بن خالد، قالا: ثنا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - عليه السلام -: "إذا كان النصف من شعبان فلا تصوموا حتى يجيء رمضان".
ولما أخرجه الترمذي قال: حديث حسن صحيح، لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ.
وحكى أبو داود عن الإمام أحمد أنه قال: هذا حديث منكر، قال: وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث به.
ويحتمل أن يكون الإِمام أحمد إنما أنكره من جهة العلاء بن عبد الرحمن؛ فإن فيه مقالا لأئمة هذا الشأن، وقد تفرد بهذا الحديث.
وقال المنذري: والعلاء وإن كان فيه مقال فقد حدث عنه الإِمام مالك مع شدة انتقاده للرجال وتحريه في ذلك، وقد احتج به مسلم في "صحيحة"، وذكر له أحاديث، ويجوز أن يكون تركه لأجل تفرده به، وللحفاظ في الرجال مذاهب يقبل كل منهم ما أدى إليه اجتهاده من القبول والرد.
قوله:"لا صوم بعد النصف" أي: لا صوم مستحب بعد نصف شعبان، وأراد به نفي جنس الصيام من التطوع.
قوله:"حتى رمضان" كلمة "حتى"، ها هنا بمعنى "إلى" التي للغاية، أي: إلى رمضان.
قال الترمذي: ومعنى هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن يكون الرجل مفطرًا فإذا بقي شيءٌ من شعبان أخذ في الصوم كحال شهر رمضان، وقد روي عن أبي هريرة عن النبي - عليه السلام - ما يشبه قولهم حيث قال:"لا تقدموا شهر رمضان بصيام إلا أن يوافق ذلك صومًا كان يصومه أحدكم"(١).