للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: أخرج هذا ليعلم أن من منع الصائم عن القبلة من الصحابة والتابعين لم يكن منعهم على الإطلاق، وإنما كان ذلك إذا كانت يخاف منها شيء آخر مما يفسد الصوم، ألا ترى أن ثعلبة بن صعير قد أخبر أنه سمع أصحاب رسول الله - عليه السلام - ينهون الصائم عن القبلة ويقولون: إنها -أي إن القبلة- تجر ما هو أكثر منها وهو الجماع؟.

وأخرجه بإسناد صحيح: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن سعيد بن الحكم بن أبي مريم المصري، عن يحيى بن أيوب الغافقي المصري، عن عُقَيْل -بضم العين- بن خالد الأيلي، عن محمَّد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن ثعلبة بن صُعَيْر -بضم الصاد وفتح العين المهملتين- ويقال: ثعلبة بن عبد الله بن صعير ويقال: ثعلبة بن عبد الله بن أبي صُعير وعداده، في الصحابة.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١): ثنا شبابة، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير، قال: "رأيت أصحاب رسول الله - عليه السلام - وهم ينهون عن القبلة للصائم".

ص: وقد حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا هشام بن إسماعيل الدمشقي العطار، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن أبي حيان التيمي، عن أبيه قال: "سأل عمر بن الخطاب علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - عن قبلة الصائم، فقال علي - رضي الله عنه -: يتقي الله ولا يعود، فقال عمر - رضي الله عنه -: إن كانت هذه لقريبة من هذه".

فقول علي - رضي الله عنه -: "يتقى الله ولا يعود"، يحتمل: ولا يعود لها ثانية أي: لأنها مكروهة من أجل صومه، ويحتمل: "ولا يعود" أي: لا يقبل مرة بعد مرة فيكثر ذلك منه، فتتحرك له شهوته، فيخاف عليه من ذلك مواقعة ما حرم الله عليه.


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (٢/ ٣١٦ رقم ٩٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>