للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستعمال في الأحوال كلها، وغيره قد يجب استعماله إن كان هو المتأخر ولا يجب إن كان هو المتقدم، فالذي هو واجب الاستعمال في الأحوال كلها أولى بالعمل مما قد يجب استعماله في حالة دون أخرى، والله أعلم.

قوله: "وفي ثبوت ما ذكرنا ... " إلى آخره حاصله أن المرأة ليس لها أن تحج إذا كان بينها وبين مكة مسيرة ثلاثة أيام إلَّا مع زوج أو محرم؛ لما ثبت من الدليل الذي ذكرناه.

فإن قيل: إنكم تقولون في امرأة لا تجد معاشًا أصلًا إلَّا على ثلاث فصاعدًا أنها تخرج بلا زوج ولا محرم، وكذلك من خشيت على نفسها غلبة الكفار أو المحاربين أو الفساق ولم تجد أمنًا إلَّا على ثلاث فصاعدًا، أنها تخرج من غير زوج ومن غير محرم، وطاعة الله واجبة في الحج عليها كوجوب خلاص روحها، فكيف لا تجوزون خروجها ها هنا من غير زوج أو محرم؟

قلت: جواز ذلك هناك لإحياء نفسها وتحصينها، وليس هذا المعنى بموجود ها هنا، ولأن الله تعالى شرط الاستطاعة في الحج؟ والزوج والمحرم من استطاعة السبيل؛ ولهذا قال أحمد: المحرم من السبيل. وذلك حين سأله أبو داود عن امرأة موسرة لم يكن لها محرم هل يجب عليها الحج. قال: لا، المحرم من السبيل.

وقال ابن قدامة: وعنه أن المحرم ليس من شرائط لزوم السعي دون الوجوب.

وعنه رواية أن المحرم ليس بشرط في الحج الواجب قال ابن قدامة: والمذهب الأول.

وروى أبو الحسن البغدادي (١): عن ابن عمر -بسند فيه محمَّد بن أبي يعقوب الكرماني وهو مجهول- قال رسول الله - عليه السلام - في امرأة لها زوج ولها مال ولا يأذن لها في الحج قال: "ليس لها أن تنطلق إلَّا بإذن زوجها".


(١) "سنن الدارقطني" (٢/ ٢٢٣ رقم ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>