ص: وقد قال قومٌ: لا بأس أن تسافر المرأة بغير محرم، واحتجوا في ذلك بما حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عمرة، عن عائشة أنها سمعتها تقول في المرأة تحج وليس معها ذو محرم فقالت:"ما لكلهن ذو محرم".
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا ابن وهب، عن الليث، أن ابن شهاب حدثه، عن عمر، أن عائشة أُخبرت أن أبا سعيد الخدري يُفتي أن رسول الله - عليه السلام - قال:"لا يصلح للمرأة أن تسافر إلَّا ومعها محرم. فقالت: ما لكلهن ذو محرم".
فإن الحجة عليهم في ذلك ما قد تواترت به الآثار التي ذكرناها عن رسول الله - عليه السلام - فهى حجة على من خالفها.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: الزهري وطائفة من أهل الحديث؛ فإنهم قالوا: لا بأس للمرأة السفر بغير محرم سواء كان لحج أو غيره.
ويُروى عن طائفة غيرهم أنه لايجوز إلَّا لحج، وهم الأوزاعي وابن سيرين وقتادة والحكم بن عُتَيْبَة، وأبو سليمان، ومالك، والشافعي؛ فإنهم قالوا: لا بأس للمرأة أن تحج من غير محرمٍ، واحتجوا على ذلك بما أخرجه عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، عن عائشة - رضي الله عنها -.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(١): عن وكيع، عن يونس بن يزيد ... إلى آخره نحوه.
وكذلك احتجوا بما أخرجه عن ربيع بن سليمان المؤذن صاحب الشافعي، عن عبد الله بن وهب ... إلى آخره. وفيه رواية صحابية عن صحابي.
قوله:"فإن الحجة عليهم ... " إلى آخره جواب عما قاله هؤلاء القوم، وهو ظاهر.