وأبو ثور على أن مَنْ مرّ بالميقات لا يريد حجًّا ولا عمرةً ثم بدا له في الحج والعمرة: أنه يحرم من الموضع الذي بدا له منه الحج، ولا يرجع إلى الميقات، ولا شيء عليه.
وقال أحمد وإسحاق: يرجع إلى الميقات ويحرم منه.
وقال أيضًا: واختلف الفقهاء في الرجل المريد للحج والعمرة يجاوز ميقات بلده إلى ميقات آخر.
فتحصيل مذهب مالك: أن من فعل ذلك فعليه دم، واختلف أصحاب مالك في ذلك؛ فمنهم من أوجب الدم فيه، ومنهم من أسقطه، وأصحاب الشافعي على إيجاب الدم في ذلك، وهو قول الثوري والليث.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: لو أحرم المدني من ميقاته كان أحبّ إليهم، فإن لم يفعل وأحرم من الجحفة، فلا شيء عليه، وهو قول الأوزاعي وأبي ثور، وكره أحمد وإسحاق مجاوزة ذي الحليفة إلى الجحفة، ولم يوجبا الدم في ذلك.
قوله:"ولكل من أتى عليهن" أي على الأماكن المذكورة، وفي بعض النسخ:"ولكل آتٍ أترل عليهن" كما في رواية غيره.
وقال القرطبي:"هن" ضمير جماعة المؤنث العاقل في الأصل، وقد يُعاد على ما لا يعقل، وأكثر ذلك من العشرة فما دونها، فإذا جاوزها قالوه بهاء المؤنث كما قال تعالى:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا}(١). ثم قال:{أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}(١) أي من الإثنى عشر، ثم قال:{فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}(١) أي في هذه الأربعة.
وقد قيل: في الجميع. وهو ضعيف شاذ.
قوله:"فمن كان أهله دون الميقات" أراد أنه إذا كان وطنه بين الميقات وبين مكة فميقاته للإحرام من حيث ينشئ الإحرام، أي من حيث يبتدئ ويشرع فيه.