وقال ابن الأثير: المحصب: هو الشِّعب الذي مخرجه إلى الأبطح بين مكة ومنى، سُمي بذلك للحصى الذي فيه، وكذلك سُمِّي موضع الجمار بمنى محصبًا، وهو في اللغة من التحصيب، وهو أن يُلقى في الأرض الحصباء وهو الحصى الصغار.
الثاني: ما أشار إليه بقوله: "ورُوي عن أبي رافع" وهو مولى النبي -عليه السلام-، يقال: اسمه إبراهيم، وقيل: أسلم، وقيل: ثابت، وقيل: هرمز، فإنه قال:"أمرني رسول الله -عليه السلام- أن أضرب له الخيمة ولم يأمرني بمكان بعينه، فضربتها بالمحصب".
فهذا يدل على أنه -عليه السلام- ما قصد إلاَّ النزول في أي أرضٍ كانت، ولم يقصد به النزول في موضع معين لفضله على النزول في غيره، واتفق أن أبا رافع ضرب خيمة النبي -عليه السلام- بالمحصب.
وأخرجه بإسناد صحيح، عن أحمد بن أبي عمران موسى الفقيه البغدادي، عن إسحاق بن إبراهيم الطالقاني شيخ أبي داود، عن صالح بن كيسان، عن سليمان بن يسار، عنه.
وأخرجه مسلم (١): ثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب جميعًا، عن ابن عيينة -قال زهير: نا سفيان بن عيينة- عن صالح بن كيسان، عن سليمان بن يسار، قال: قال أبو رافع: "لم يأمرني رسول الله -عليه السلام- أن أنزل الأبطح حين خرج من مِنَى، ولكني جئت فضربت قبته، فجاء فنزل".
الثالث: ما أشار إليه بقوله: "ورُوي عن ابن عباس ما حدثنا ربيع المؤذن .. " إلى آخره.
فإنه قال:"إنما كانت المحصب لأن العرب كانت تخاف بعضها بعضًا فيرتادون" من الارتياد وهو طلب المكان للنزول فيه، يقال: رادَ، وارتادَ، واسترادَ.
"فيخرجون جميعًا فجرى الناس عليها" أي على هذه الفعلة.