عن الطيب للمحرم- وهذا لا يصح لهم لأن هذا الخبر رواه من هو أحفظ من ابن جريج وأجل منه، فبين أن ذلك الطيب إنما كان خلوقًا، ثم روى الحديث المذكور بطرقه، كما رواه الطحاوي، ثم قال: فاتفق عمرو بن دينار وهمام بن يحيى وقيس بن سعد كلهم، عن عطاء في هذه القصة نفسها، عن صفوان ابن يعلى، عن أبيه أنه كان متضمخًا بخلوق وهو الصفرة نفسها، وهو الزعفران بلا خلاف، وهو مُحَرَّمٌ على الرجال عامة في كل حال، وعلى المُحْرِم أيضًا بخلاف سائر الطيب، ثم قال: فبطل تشغيبهم بهذا الخبر جملة؛ لأنه إنما فيه نهي عن الصفرة لا عن سائر الطيب، ولأنه لو كان فيه نهي عن الطيب -وليس ذلك فيه- لكان منسوخًا بآخر فعله -عليه السلام- في حجة الوداع. انتهى.
ثم إنه أخرج حديث يعلى بن أمية من أربع طرق صحاح:
الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن محمد بن المنهال ... إلى آخره.
وأخرجه الييهقي في "سننه"(١) من حديث شعبة، عن قتادة، عن عطاء، عن يعلى بن منية:"أن النبي -عليه السلام- رأى رجلاً عليه جبة عليها أثر خلوق أو صفرة، فقال: اخلعها عنك واجعل في عمرتك ما تجعل في حجك".
قوله:"عن يعلى بن منية" وفي بعض الروايات "عن يعلى بن أميَّة" وكلاهما صحيح لأن منية أمه وأمية أبوه، فتارة يذكر يعلى بانتسابه إلى أمه، وتارة بانتسابه إلى أبيه.
قوله:"جبة وشي من خلوق" قال الجوهري: الوشي من الثياب معروف، والخلوق -بفتح الخاء- طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنوع الطيب، وتغلب عليه الحمرة والصفرة، وقال الجوهري:"الخلوق" ضرب من الطيب، وقد خلقته أي طيبته بالخلوق فتخلق به، وفي "المطالع": الخلوق: طيب يخلط بالزعفران.