للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: ثنا عبد الملك ومنصور وابن أبي ليلى، عن عطاء، عن يعلى بن أمية: "أن رجلاً جاء إلى رسول الله -عليه السلام- فقال: يا رسول الله، إني أحرمت وعليّ جبتي هذه وعلى جبته ردوع من خلوق، والناس يسخرون مني فأطرق عنه ساعة ثم قال: اخلع عنك هذه الجبة، واغسل عنك هذا الزعفران واصنع في عمرتك ما كنت صانعًا في حجتك".

فبينت لنا هذه الآثار أن ذلك الطيب الذي أمره النبي -عليه السلام- بغسله كان خلوقًا، وذلك منهي عنه في حال الإِحلال وحال الإِحرام، فيجوز أن يكون النبي -عليه السلام- أراد بأمره إياه بغسله لما كان من نهيه أن يتزعفر الرجل، لا لأنه طيب تطيب به قبل الإِحرام ثم حرمه عليه الإِحرام.

ش: أي قال الآخرون في الجواب عما احتجت به أهل المقالة الأول من حديث يعلى: بيانه أن يقال: إن حديث يعلى لا حجة لكم فيه؛ لأن ذلك الطيب الذي كان على ذلك الرجل وأمره -عليه السلام- بغسله إنما كان صفرة وهو خلوق، والخلوق مكروه للرجل في كل الأحوال سواء كان في حالة الإِحرام أو في حالة الإِحلال ولا يباح من الطيب عند الإِحرام إلاَّ ما هو حلال في حالة الإِحلال، والدليل على ذلك: أن حديث يعلى بن أمية الذي روي بطرق مختلفة قد بين ذلك وأوضح أن ذلك الطيب الذي أمره -عليه السلام- بغسله كان خلوقًا، وهو منهي عنه في كل الأحوال.

وقال ابن حزم في "المحلى" لا حجة لهم في هذا الخبر لأنه كان في الجعرانة كما ذكر في الحديث، وعمرة الجعرانة كانت إثر فتح مكة متصلة به في ذي القعدة، لأن فتح مكة كان في شهر رمضان، وكانت حينئذ متصلة به، ثم عمرة الجعرانة منصرفه -عليه السلام- من حنين ثم حج تلك السنة عتاب بن أسيد ثم كان عام قابل فحج بالناس أبو بكر، ثم كانت حجة الوداع في العام الثالث، وكان تطيب النبي -عليه السلام- وأزواجه معه في حجة الوداع بعد حديث هذا الرجل بأزيد من عامين، فممن أعجب؟ ممن يعارض آخر فعله -عليه السلام- بأول فعله -هذا يوضح أن حديث يعلى بن أمية فيه نهي

<<  <  ج: ص:  >  >>