ص: وقد يحتمل أيضًا قوله -عليه السلام- من لم يجد نعلين فليلبس خفين على أن يقطعهما من تحت الكعبين، فيلبسهما كما يلبس النعلين، وقوله:"ومن لم يجد إزارًا فليلبس سراويل على أن يشق السراويل فيلبسه كما يلبس الإِزار، فإن كان هذا الحديث أريد به هذا المعنى فلسنا نخالف شيئًا من ذلك، ونحن نقول بذلك ونثبته، وإنما وقع الخلاف بيننا وبينكم في التأويل لا في نفس الحديث، لأنا قد صرفنا الحديث إلى وجه يحتمله، فاعرفوا موضع خلاف التأويل من موضع خلاف الحديث فإنهما مختلفان، ولا توجبوا على من خالف تأويلكم الحديث خلافًا لذلك الحديث.
ش: هذا جواب آخر، بيانه أن يقال: إن معنى قوله: "من لم يجد نعلين فليلبس خفين بعد قعطهما من تحت الكعبين، ومعنى قوله:"ومن لم يجد إزارًا فليلبس سراويل بعد شقها، فإن كان معنى الحديث هذا فليس فيه خلاف منا أصلًا بل نحن نقول به ونثبته، فحينئذ يكون الخلاف بيننا وبينكم في إثبات هذا الحديث، ولا يقال: صرف الحديث إلى هذا المعنى بعيد، لأنا نقول إنما صرفناه إلى وجه يحتمله، لأن المحرم ممنوع عن لبس المخيط على أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- روى حديثًا يبين هذا ويدل على أن معناه هو المعنى الذي صرفنا الحديث إليه على ما يأتي الآن -إن شاء الله تعالى- ولما لم يميز الخصم موضع خلاف التأويل من موضع خلاف الحديث نبه عليه بقوله فاعرفوا موضع خلاف التأويل ... إلى آخره.
ص: وقد بين عبد الله بن عمر عن النبي -عليه السلام- بعض ذلك.
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن عمر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر: "أن رجلاً سأل النبي -عليه السلام- ما نلبس من الثياب إذا أحرمنا؟ فقال: لا تلبس السراويلات ولا العمائم ولا البرانس ولا الخفاف إلاَّ أن يكون أحد ليست له نعلان فليلبس خفين أسفل من الكعبين".
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أسباط بن محمد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -عليه السلام- مثله.