للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: لا نسلم أن القياس صحيح؛ لأن المخاط لا يتعلق بخروجه حدث ما أصلًا، والمَني موجب لاكبر الحدثين، وهو الجنابة، ولا نسلم أن سقوط الغَسْل يدل على الطهارة كما في موضع الاستنجاء.

فإن قيل: ما حكم المني إذا جفّ على البدن؟

قلت: قال مشايخ بخارى وسمرقند فيه: إنه كالثوب؛ لأن البلوى فيه أشد من البلوى في الثوب، فَيطَهَّر البدن كالثوب دفعا للحرج.

وفي "مبسوط السرخسي" رُوي عن أبي حنيفة في المنى إذا أصاب البدن: لا يطهر إلَّا بالغَسْلِ؛ لأن لين البدن يمنع زوال أثره بالحتّ.

ص: وقد جاء عن عائشة - رضي الله عنها - فيما كانت تفعل بثوب رسول الله - عليه السلام - الذي كان يُصلّي فيه إذا أصابه المني:

حدثنا يونسُ، قال: ثنا يحيى بن حسان، قال: ثنا عبد الله بن المبارك وبشر بن المفضل، عن عَمرو بن ميمون، عن سليمان بن يَسَار، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كنت أغسل المني من ثوب رسول الله - عليه السلام - فيخرج لي الصلاة، وإن بُقَعَ الماء لفي ثويه".

ش: لما ذكر فيما مضى أن هذه الآثار إنما جاءت في ثياب النوم ولم تأت في ثياب الصلاة؛ بيّن هنا ما جاء من الآثار التي فيها ما كانت عائشة - رضي الله عنها - تفعل بثوب رسول الله - عليه السلام - إذا أصابه المني، وقد بَيَّنَت عائشة - رضي الله عنها - ها هنا أنها كانت تغسل الثوب الذي كان يصلي فيه إذا أصابه المني، وتفرك من ثوبه الذي كان لا يصلي فيه، وفعلها هذا دلّ على نجاسة المني.

ثم إسناد الحديث المذكور صحيح على شرط مسلم. وأخرجه الجماعة، فالبخاري (١): عن عبدان، عن عبد الله بن المبارك ... إلى آخره نحوه سواء، غير أن في لفظه: "كنت أغسل الجنابة" موضع: "المني".


(١) "صحيح البخاري" (١/ ٩١ رقم ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>