فإن قيل: قد قال البيهقي: وأما حديث عمار بن ياسر "أن النبي - عليه السلام - قال: يا عمار ما نخامتك ولا دموع عينيك ... " الحديث فهو باطل لا أصل له؛ إنما رواه ثابت بن حماد عن علي بن زيد عن ابن المسيب عن عمار. وعلي بن زيد غير محتج به، وثابت بن حماد متهم بالوضع.
قلت: كفاك أن الدراقطني أخرجه.
قلت: علي بن زيد غير محتج به لا تُفيد دعواه؛ لأن مسلما روى له مقرونا بغيره، وروى له أبو داود والترمذي والنسائي، وقال رجل لابن معين: اختلط علي بن زيد؟ قال: ما اختلط علي بن زيد قط وهو أحب إلى من ابن عقيل، ومن عاصم بن عبد الله. وقال العجلي: لا بأس به. وفي موضع آخر: يكتب حديثه. وروى له الحاكم في المستدرك، وقال الترمذي: صدوق.
وفي "الجوهر النقي": وأما كون ثابت بن حماد متهما بالوضع فما رأيت أحدا بعد الكشف التام ذكره غير البيهقي، وقد ذكر هو أيضًا هذا الحديث في كتاب المعرفة، وضعّف ثابتا هذا ولم ينسبه إلى التهمة بالوضع.
فإن قيل: إنه أصل الأنبياء والأولياء فيجب أن يكون طاهرا.
قلت: هو أصل الأعداء أيضًا كنمروذ وفرعون وغيرهم، على أَنَّا نقول: العلقة أقرب إلى الإنسان من المني وهي أيضًا أصل الأنبياء، ومع هذا لا يقال طاهرة: فَعُلم أن كون المني أصل الأنبياء - عليهم السلام - لا عبرة له في الطهارة، أو نقول: الواجب في خروج المَني أكبر الطهارتين -وهو الغسل- والبول لا يجب بخروجه إلَّا الوضوء، فلو لم تكن نجاسته أقوى من نجاسة البول لم يكن حكمه أغلظ من حكمه.
فرضنا أنه طاهر، لكن مخرجه مخرج النجس لأنه يخرج من حيث يخرج البول فينجس؛ لاتصال النجس به.
فإن قيل: ما لا يجب غسل يابسه لا يجب غسل رطبه كالمخاط.