بدنه القميص، ورأينا المحرم لو حمل على رأسه ثيابًا وغيرها لم يكن بذلك بأس، ولم يدخل ذلك فيما قد نهي عن تغطية الرأس بالقلانس وما أشبهها؛ لأنه غير لابس، فكان النهي إنما وقع في ذلك على تغطية ما يلبسه الرأس لا غير ذلك مما غطي به، وكذلك الأبدان نُهي عن إلباسها القميص ولم ينه عن تجليلها بالأُزر، فلما كان ما وقع عليه النهي من هذا في الرأس إنما هو الإِلباس لا التغطية التي ليست بإلباس، وكان إذا نزع القميص فلاقى ذلك رأسه فليس ذلك بإلباس منه لرأسه شيئًا، إنما ذلك تغطية منه لرأسه، وقد ثبت مما ذكرنا أن النهي عن لبس القلانس لم يقع على تغطية الرأس، وإنما وقع على إلباس الرأس في حال الإِحرام ما يلبس في حال الإِحلال، فلما خرج بذلك ما أصاب الرأس من القميص المنزوع من حال تغطية الرأس المنهي عنها ثبت أنه لا بأس بذلك؛ قياسًا ونظرًا عل ما ذكرنا، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.
ش: أي وأما وجه الحكم المذكور من طريق النظر والقياس: فإنا رأينا .. إلى آخره وجد ذلك ظاهر.
قوله:"ولم يُنه عن تجليلها بالأزر" التجليل بالجيم من جللت الفرس إذا ألبسته الجُلَّ، وتجلله إذا علاه.
"والأزُر" بضم الهمزة وسكون الزاي: جمع إزار.
ص: وقد اختلف المتقدمون في ذلك، حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: ثنا يونس عن الحسن.
وأخبرنا مغيرة، عن إبراهيم والشعبي، أنهم قالوا:"إذا أحرم الرجل وعليه قميص فليخرقه حتى يخرج منه".
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير .. مثله.