الإِحرام، فقد خالف ذلك حديث جابر -رضي الله عنه- الذي ذكرنا، وإسناده أحسن من إسناده، فإن كانت هذه الأشياء تثبت بصحة الإِسناد فإن حديث يعلى معه من صحة الإِسناد ما ليس في حديث جابر -رضى الله عنه-.
ش: أي احتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه بحديث يعلى بن أمية وهو الذي يقال له: يعلى بن منية أيضًا الذي مضى ذكره في صدر باب التطيب عند الإِحرام، وهو الذي أخرجه من حديث عطاء، عن صفوان بن يعلى بن منية، عن أبيه:"أن رجلاً أتى النبي -عليه السلام- بالجعرانة وعليه جبة وهو مُصَفّر لحيته ورأسه، فقال: يا رسول اللهَ، إني قد أحرمت وأنا كما ترى، فقال: انزع عنك الجبة واغسل عنك الصفرة".
وجه الاستدلال: أنه -عليه السلام- أمر الرجل بنزع الجبة ولم يأمره بشقها، فكذلك القميص.
فهذا وإن كان يعارضه حديث جابر المذكور ظاهرًا، ولكن لا يعتبر بتلك المعارضة لأن من شرطها مساواة الحديثين في الصحة وعدمها، وحديث جابر لا يعادل حديث يعلى؛ لأن حديث يعلى أصح إسنادًا، ورجاله رجال الصحيحين والأربعة: وأخرجه الجماعة أيضًا كما قد بينا في باب التطيب عند الإِحرام، وحديث جابر في سنده عبد الرحمن بن عطاء فهو وإن كان وثقه ابن سعد فقد ضعفه غيره، وقال البخاري: فيه نظر، وأدخله في "الضعفاء" وعبد الملك بن جابر لم يخرج له الشيخان شيئًا، والحديث ذكره عبد الحق الإِشبيلي في "أحكامه" وقال: عبد الرحمن ابن عطاء ضعيف.
ص: وأما وجه ذلك من طريق النظر: فإنا رأينا الذين كرهوا نزع القميص إنما كرهوا ذلك لأنه يغطي رأسه إذا نزع قميصه، فأردنا أن ننظر هل تكون تغطية الرأس في الإِحرام على كل الجهات منهيًا عنها أم لا؟ فرأينا المحرم نُهي عن لبس القلانس والعمامة والبرانس، فنهي أن يُلبِس رأسه شيئًا، كما نُهي أن يُلبس