للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشربا من مرقها، ثم ركب رسول الله -عليه السلام- فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر، فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم، فقال: انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم، فناولوه دلوًا فشرب منه.

وأخرجه أبو داود (١) وابن ماجه (٢) بنحوه مطولاً، وأخرجه النسائي (٣) مختصرًا.

قال القاضي عياض: قد تكلم الناس على ما في هذا الحديث من الفقه وكثروا، وقد ألف فيه أبو بكر بن المنذر جزءًا كبيرًا، وخَرَّجَ فيه من الفقه مائة نوع ونيفا وخمسين، ولو تُقُصِّيَ لزاد على هذا العدد قريب منه.

قوله: "فسأل عن القوم حتى انتهى إلي" وذلك لأن جابرًا -رضي الله عنه- كان قد عمي حينئذ ففيه الاهتبال بالداخلين على الرجل والسؤال عنهم لينزل كل واحد منزله ويعرف لأهل الحق حقه.

قوله: "فنزع زري الأعلى" فيه إكرام الزائر بنزع رداءه وخلع خفيه.

وقوله: "وأنا يومئذ غلام شاب" فيه تنبيه على أن جابرًا إما فعل ذلك به تأنيسًا له لصغره ورقة عليه؛ إذْ لا يفعل هذا بالرجال الكبار، من إدخال اليد في جيوبهم إكبارًا لهم، وفيه أن مس الغلمان الأجانب على وجه الرقة ولغير التلذذ جائز، وإنما يحرم من لمس الغلمان والنظر إليهم ما كان من ذلك على وجه التلذذ.

وقوله: "فقام في ساجة" بسين مهملة وجيم، وهي ثوب كالطيلسان ونحوه، وهكذا هو في رواية الجمهور، وفي رواية نِساجة بالنون المكسورة والسين المهملة المفتوحة وبعد الألف جيم بعدها هاء، وكذا وقع في رواية أبي داود، وهي ضرب من الملاحف المنسوجة لأنها سميت بالمصدر، يقال: نسجت نسجًا ونساجة.


(١) "سنن أبي داود" (٢/ ١٨٢ رقم ١٩٠٥).
(٢) "سنن ابن ماجه" (٢/ ١٠٢٢ رقم ٣٠٧٤).
(٣) "المجتبى" (١/ ١٥٤ رقم ٢٩١) و (١/ ٢٠٨ رقم ٤٢٩) و (٥/ ١٥٥ رقم ٢٧٤٠) وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>