وقال القرطبي: معنى قولها وقول ابن عباس: "من عمرتك" أي بعمرتك كما قال تعالى: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}(١) أي بأمر الله، عبر بالإِحرام بالعمرة عن القران لأنها السابقة في إحرام القارن قولاً ونية ولا سيما على ما ظهر من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه -عليه السلام- كان مضروًا، وقال القاضي عياض: وفي تسميتها إياه عمرة يحتج به من قال: أن النبي -عليه السلام- كان قارنًا بحج وعمرة، قوله (فدل هذا الحديث) أبي حديث حفصة، أن النبي -عليه السلام- كان متمتعا؛ لأن الهدي المقلَّد -بتشديد اللام المفتوحة- لا يمنع من إحلال المحرم إلاَّ في المتعة خاصة وباقي الكلام ظاهر.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: بل القران في ذلك بين العمرة والحجة أفضل من إفراد الحج ومن التمتع بالعمرة إلى الحج وقالوا: كللك فعل رسول الله -عليه السلام- في حجة الوداع.
ش: أي خالف الفريقين الأولين جماعة آخرون وأراد بهم: شقيق بن سلمة والثوري وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا وإسحاق والمزني من أصحاب الشافعي فإنهم قالوا: القران أفضل من الإِفراد والتمتع وإليه ذهب ابن المنذر وأبو إسحاق المروزي من أصحاب الشافعي وعن أحمد: يخير بين القران والإِفراد والتمتع، وعنه: إن ساق الهدي فالقران أفضل وإلا فالتمتع.
قلت: قول أبي حنيفة في هذا هو قول علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.
قوله:"وقالوا" أي قال هؤلاء الآخرون.
"كللك فعل رسول الله -عليه السلام-" أرادوا أنه -عليه السلام- كان قارنًا في حجة الوداع.
وفي "المجرد": وأما حجة النبي -عليه السلام- فاختلف فيها بحسب المذاهب والأظهر قول أحمد: لا أشك أنه كان قارنًا والمتعة أحب إليّ.
ص: وذكروا في ذلك ما حدثنا يونس قال: ثنا بشر بن بكر عن الأوزاعي، قال: حدثني عبدة بن أبي لبابة قال: حدثني شقيق بن سلمة قال: حدثني رجل من