للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في إهلاله فأجاب عن ذلك بقوله: فكان من الحجة عليهم في ذلك، على الذين أنكروا القران بيانه: أن قول عمر -رضي الله عنه-: "هديت لسنة نبيك" بعد قوله: "إنهما لم يقولا شيئًا" يدل على أنه رأى ذلك من الصبي صوابًا وأن ذلك هو سنة النبي -عليه السلام-، وليس ذلك منه دعاء له إذ لو كان ذلك على وجه الدعاء لما قال: "إنهما لم يقولا شيئًا" فإنكاره عليهما قولهما دل على أن المراد من قوله: "هديت لسنة نبيك" هو الإِخبار على معنى أنك أتيت بما هو سنة نبيك -عليه السلام- وليس المراد منه هو الدعاء الذي هو الإِنشاء.

ثم إنه أخرج الحديث الذي يدل على ذلك من طريقين صحيحين:

الأول: عن فهد بن سليمان .. إلى آخره.

وأخرجه أحمد في "مسنده" (١): عن يحيى عن الأعمش ... بمثله، وقد ذكرناه عن قريب.

الثاني: عن علي بن شيبة بن الصلت السدوسي، عن إسحاق بن إبراهيم هو إسحاق بن راهويه شيخ الجماعة غير ابن ماجة.

وأخرجه في "مسنده".

وأخرجه أبو داود (٢) أيضًا: ثنا محمد بن قدامة بن أعين وعثمان بن أبي شيبة -المعنى- قالا: ثنا جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن أبي وائل، قال: قال الصبي بن معبد: "كنت رجلاً أعرابيًّا نصرانيًّا فأسلمت، فأتيت رجلاً من عشيرتي يقال له: هذيم بن ثرملة، فقلت له: يا هنا، إني حريص على الجهاد، وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبين عليَّ فكيف لي بأن أجمعهما؟ فقال: اجمعهما واذبح ما استيسر من الهدي، فأهللت بهما معًا جميعًا، فلما أتيت العذيب لقيت سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان وأنا أُهِلُّ بهما معًا، فقال أحدهما للآخر: ما هذا بأفقه من بعيره، قال: فكأنما ألقي علي جبل، حتى أتيت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-،


(١) سبق تخريجه.
(٢) "سنن أبي داود" (٢/ ١٥٨ رقم ١٧٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>