للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: وقد رُوي عن ابن عباس عن عمر -رضي الله عنهم- ما يدل على ذلك أيضًا، حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون قال: ثنا الوليد بن مسلم قال: ثنا الأوزاعي قال: ثنا يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن أبي سفيان عن عمر قال: سمعت النبي -عليه السلام- وهو بالعقيق يقول: "أتاني الليلة آتٍ من ربي فقال: صَلِّ في هذا الوادي المبارك وقل: عمرة في حجة".

حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا هارون بن إسماعيل قال: ثنا علي بن المبارك قال: ثنا يحيى بن أبي كثير ... فذكر بإسناده مثله.

فأخبر عمر -رضي الله عنه- في هذا الحديث عن رسول الله -عليه السلام- أنه آتاه أتٍ من ربه فقال له: قل: عمرة في حجة فلما كان رسول الله -عليه السلام- قد كان أمر أن يجعل عمرة في حجة استحال أن يكون ما فعل خلافًا لما أمر به.

ش: قد روي عن عبد الله بن عباس عن عمر بن الخطاب ما يدل على وجود القران وعلى أفضليته وعلى أن النبي -عليه السلام- كان قارنًا في حجة الوداع وهذا ظاهر لأنه -عليه السلام- أُمر أن يقول: عمرة في حجة فيكون مأمورًا بأن يجمع بينهما في الميقات وهذا هو عين القران فإذا كان مأمورًا به استحال أن يكون حجه بخلاف ما أمر به، فإن قيل: لا نسلم ذلك ولا يدل ذلك على أفضلية القران ولا على كون النبي -عليه السلام- قارنًا؛ لأنه جاء في رواية أخرى: "قل عمرة وحجة" ففصل بينهما فحينئذ يحتمل أن يريد أن يحرم بعمرة إذا فرغ من حجته قبل أن يرجع إلى منزله فكأنه قال: إذا حججت فقل: لبيك بعمرة وتكون في حجتك التي حججت أو يكون محمولًا على معنى تحصيلهما معًا.

قلت: رواية البخاري وغيره: "قل عمرة في حجة" وهذه هي الصحيحة وهي تدل على أنه -عليه السلام- أمر أن يجعل العمرة في الحجة وهي صفة القران وكذلك الرواية التي فيها واو العطف تدل على ما ذكرنا؛ لأن الواو لمطلق الجمع والجمع بين الحج والعمرة هو القران وما ذكروه من الاحتمال بعيد وصرف اللفظ إلى غير مدلوله فافهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>