للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحج". قالوا: فكيف يجوز أن يعاقب أحدًا على أمر قد علم أن الله -عز وجل- قد أمر به رسوله -عليه السلام-؟ قيل: ليست هذه المتعة التي في هذا الحديث هي المتعة التيم استحبها أهل المقالة التيم ذكرناها في الفصل الذي قبل هذا، ولكن هذه المتعة عندنا -واللهَ أعلم- هي الإِحرام الذي كان أصحاب رسول الله -عليه السلام- أحرموه بحجة ثم طافوا لها وسعوا قبل عرفة وحلقوا وحلوا فتلك متعة قد كانت تفعل على عهد رسول الله -عليه السلام- ثم نسخت وسنذكرها وما روي فيها وفي نسخها في غير هذا الموضع في كتابنا هذا إن شاء الله.

فهذه المتعة التي نهى عنها عمر -رضي الله عنه- وتواعد من فعلها بالعقوبة، فأما متعة قد ذكرها الله -عز وجل- في كتابه بقوله: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (١) وفعلها رسول الله -عليه السلام- وأصحابه فمحال أن ينهى عنها عمر -رضي الله عنه- بل قد روينا عن عمر أنه استحبها وحض عليها.

حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد قال: ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل قال: سمعت طاوسًا يحدث عن ابن عباس قال: "يقولون: أن عمر نهى عن المتعة قال عمر -رضي الله عنه-: لو اعتمرت في عام مرتين ثم حججت لجعلتها مع حجتي".

حدثنا حسين بن نصر قال: ثنا أبو نعيم قال: ثنا سفيان عن سلمة عن طاوس عن ابن عباس قال: قال عمر -رضي الله عنه- ... فذكر مثله.

فهذا ابن عباس قد أنكر أن يكون عمر نهى عن التمتع وذكر عنه أنه استحب القران فدل ذلك أن المتعة التي تواعد عمر من فعلها بالعقوبة هي المتعة الأخرى.

ش: تقرير السؤال أن يقال: كيف يجوز أن يروى الحديث المذكور الذي رواه ابن عباس عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم- عن النبي -عليه السلام- أن قيل له: "قل عمرة في حجة" والحال أن عمر -رضي الله عنه- قد نهى عن المتعة فكيف ينهي عن شيء ثم ينقل ذلك عن النبي -عليه السلام-.


(١) سورة البقرة، آية: [١٩٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>