للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب أن مالكًا حدثه عن صدقة بن يسار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: "والله لأن أعتمر قبل الحج وأهدي أحب إليَّ من أن أعتمر بعد الحج في ذي الحجة".

فهذا عبد الله بن عمر أيضًا فضل العمرة التي في أشهر الحج على العمرة التي في غير أشهر الحج فدل ذلك على صحة ما روى ابن عباس عن عمر -رضي الله عنهم- لأن ابن عمر لو كان سمع ذلك من عمر كما في حديث عقيل عن الزهري إذًا لما قال بخلاف ذلك؛ لأنه قد سمع أباه قاله بحضرة أصحاب النبي -عليه السلام- لا ينكره عليه منكر ولا يدفعه عنه دافع وهو أيضًا فلا يدفعه عنه ولا يقول له أن رسول الله -عليه السلام- قد كان فعل هذا ولكن المحكي في ذلك عن عمر -رضي الله عنه- هو إرادة عمر أن يُزار البيت وباقي الكلام بعد ذلك، فكلام سالم خلطه الزهري بروايته فلم يتميزا.

ش: أي قد روينا عن عبد الله بن عمر من رأي نفسه واجتهاده خلافًا لما رُوي عن عمر، من كون إتمام العمرة في غير أشهر الحج، فإن ابن عمر قال: "لأن أعتمر في العشر الأول من ذي الحجة أحب إليَّ من أن أعتمر في العشر البواقي" لأنه يكون بذلك متمتعًا ويكون فيه هدي أو صيام إن لم يوجد الهدي والدليل عليه قول نافع: عمرة فيها هدي أو صيام أحب إليه -أي إلى ابن عمر- من عمرة ليس فيها هدي ولا صيام، ولأنه جمع بين نسكين وفيه أجران والدليل عليه قول ابن عمر لما سئل عن رجل لبى بالعمرة والحج: "يرجع بأجرين وترجعون أنتم بأجر واحد" فهذا عبد الله بن عمر فضل العمرة التي تكون في أشهر الحج على العمرة التي تكون في غيرها فدل ذلك على صحة ما روى عبد الله بن عباس، عن عمر بن الخطاب: "سمعت النبي -عليه السلام- وهو بالعقيق يقول: أتاني الليلة آت من ربي فقال: صَلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة" (١) وذلك لأن ابن عمر لو كان سمع ذلك من أبيه عمر بن الخطاب كما في حديث عقيل بن خالد عن محمد بن مسلم


(١) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>